قوله تعالى:{مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ} : يجوز في «ما» هذه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أن تكونَ نافيةً، نفى عنهم ذلك لمَّا لم ينتفعوا به، وإن كانوا ذوي أسماع وأبصار، أو يكونُ متعلَّقُ السمعِ والبصرِ شيئاً خاصاً. والثاني: أن تكون مصدريةً، وفيها حينئذٍ تأويلان، أحدهما: أنها قائمة مقامَ الظرف، أي: مدةَ استطاعتهم، وتكون «ما» منصوبةً ب «يُضاعف» ، أي: يضاعف لهم العذاب مدةَ استطاعتهم السمعَ والأبصار. والتأويل الثاني: أنها منصوبةُ المحلِّ على إسقاط حرف الجر، كما يُحذف من أنْ وأنَّ أختيها، وإليه ذهب الفراء، وذلك الجارُّ متعلقٌ أيضاً ب «يُضاعَف» ، أي: يضاعف لهم بكونهم كانوا يسمعون ويبصرون ولا يَنْتفعون. الثالث: أن تكون «ما» بمعنى الذي، وتكونَ على حذف حرف الجر أيضاً، أي: بالذي كانوا، وفيه بُعْدٌ لأنَّ حَذْفَ الحرفِ لا يَطَّرد.
والجملةُ من قوله «يُضاعف» مستأنفة. وقيل: إنَّ الضمير في قوله: «