قوله تعالى:{لَكِنِ الذين} : قرأ الجمهورُ بتخفيفِها، وأبو جعفر بتشديدِها، فعلى القراءةِ الأولى: الموصولُ رفعٌ بالابتداء، وعند يونس يجوز إعمالُ المخففة، وعلى الثانية في محل نصب. ووقعت «لكن» هنا أحسنَ موقع، فإنَّها وقعت بين ضدين: وذلك أن معنى الجملتين التي قبلها والتي بعدها آيلٌ إلى تعذيبِ الكفار وتنعيمِ المتقين، ووجهُ الاستدراك أنَّه لَمَّا وَصَفَ الكفارَ بقلةِ نفعِ تَقَلُّبهم في التجارة وتصرُّفهم في البلادِ لأجلها جازَ أن يَتَوَّهَّمَ متوهِّمٌ أن التجارة من حيث هي متصفةٌ بذلك فاستدرك أن المتقين وإن أخذوا في التجارة لا يَضُرُّهم ذلك وأنَّ لهم ما وعدهم به.
قوله:{تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} هذه الجملة أجاز مكي فيها وجهين، أحدهما: الرفع على النعت ل «جنات» . والثاني: النصب على الحالِ من الضمير المُسْتكنِّ في «لهم» قال: «وإنْ شِئْتَ في موضع نصب على الحال من الضمير المرفوع في» لهم «؛ إذ هو كالفعل المتأخر بعد الفاعل إنْ رَفَعْتَ» جنات «بالابتداء، فإنْ رَفَعْتَها بالاستقرار لم يكن في» لهم «ضميرٌ