للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب} : العامَّةُ على التشديدِ في «نَزَّل» ونصبِ «الكتاب» . وقرأ الأعمش والنخعيّ وابن أبي عبلة: نَزَلَ بتخفيف الزاي ورفعِ الكتاب، فأمّا القراءة الأولى فقد تقدَّم أن هذه الجملةَ/ يُحتمل أن تكونَ خبراً وأن تكونَ مستأنفةً. وأمّا القراءةُ الثانيةُ فالظاهرُ أنَّ الجملة فيها مستأنفةٌ، ويجوزُ أن تكونَ خبراً، والعائدُ حينئذٍ محذوفٌ، تقديرُه: نَزَل الكتابُ من عنده.

قوله: {بالحق} فيه وجهان، أحدُهما: أن تتعلَّق الباءُ بالفعل قبلها والباءُ حينئذٍ للسببية، أي: نَزَّله بسبب الحق. والثاني: أن تتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها حالٌ: إمَّا من الفاعلِ أي: نَزّله مُحِقّاً، أو من المفعولِ أي: نَزَّله ملتبساً بالحقِّ نحو: جاء بكرٌ بثيابه أي: ملتبساً بها.

وقال مكيّ: «ولا تتعلَّقُ الباءُ بنَزَّلَ لأنه قد تَعَدَّى إلى مفعولين، أحدُهما بحرفٍ فلا يتعدى إلى ثالثٍ» وهذا الذي ذَكَرَه مكيٌّ غيرُ ظاهر، فإنَّ الفعلَ يتعدَّى إلى متعلِّقاته بحروفٍ مختلفة على حَسَب ما يكونُ، وقد تقدم أنَّ معنى الباء السببيةُ، فأيُّ مانع يمنع من ذلك؟ .

قوله: {مُصَدِّقاً} فيه أوجه، أحدُهما: أَنْ يَنْتَصِبَ على الحالِ من «الكتاب» ، فإنْ قيل إنَّ «بالحق» حالٌ كانَتْ هذه حالاً ثانية عند مَنْ يُجيز تعدُّد الحالِ، وإنْ لم يُقَلْ ذلك كانت حالاً أولى. والثاني: أن ينتصِب على الحالِ على سبيلِ البدلية من محلِّ «بالحق» وذلك عند مَنْ يمنعُ تعدُّد الحالِ في غير عطفٍ ولا بدلية. الثالث: أن ينتصِبَ على الحالِ من الضميرِ المستكنِّ في «بالحق» إذا جعلناه حالاً، لأنه حينئذٍ يتحمَّلُ ضميراً لقيامِه مقامَ الحالِ التي

<<  <  ج: ص:  >  >>