قوله:{بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} : فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه مُقْسَمٌ به متوسطٌ بين اسم «ما» وخبرها، ويكونُ الجوابُ حينئذٍ محذوفاً لدلالة هذا المذكورِ عليه، التقدير: ونعمةِ ربِّك ما أنت بكاهنٍ ولا مجنونٍ. الثاني: أنَّ الباءَ في موضع نصبٍ على الحالِ، والعامل فيها «بكاهن» أو «مجنون» والتقدير: ما أنت كاهناً ولا مجنوناً ملتبساً بنعمةِ ربِّك، قاله أبو البقاء، وعلى هذا فهي حالٌ لازمةٌ؛ لأنه عليه السلام لا يُفارِقْ هذه الحال. الثالث: أنَّ الباءَ متعلقةٌ بما دَلَّ عليه الكلامُ، وهو اعتراضٌ بين اسم «ما» وخبرِها. والتقدير: ما أنت في حالِ إذكارِك بنعمةِ ربك بكاهنٍ ولا مجنون، قاله الحوفي. ويظهر وجهٌ رابعٌ: وهو أَنْ تكونَ الباء سببيةً، وتتعلَّقُ حينئذٍ بمضمون الجملةِ المنفيةِ، وهذا هو مقصودُ الآيةِ الكريمةِ. والمعنى: انتفى عنك الكهانةُ والجنونُ بسبب نعمةِ اللَّهِ عليك، كما تقول: ما أنا بمُعْسِر بحمد الله وغَنائه.