قوله تعالى:{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ} : في جواب «لمَّا» هذه ثلاثة أوجه، أحدها: وهو الظاهر أنه الجملةُ المنفية من قوله: {مَّا كَانَ يُغْنِي} . وفيه حجةٌ لمَنْ يَدَّعي كونَ «لمَّا» حرفاً لا ظرفاً، إذ لو كانت ظرفاً لعمل فيها جوابُها، إذ لا يَصْلح للعملِ سواه، لكن ما بعد «ما» النافية لا يَعْمل فيما قبلها، لا يجوز:«حين قام أخوك ما قام أبوك» ، مع جواز «لمَّا قام أخوك ما قام أبوك» .
والثاني: أنَّ جوابَها محذوفٌ، فقدَّره أبو البقاء:«امتثلوا وقَضَوا حاجةَ أبيهم» ، وإليه نحَا ابن عطية أيضاً، وهو تَعَسُّفٌ لأنَّ في الكلامِ ما هو جوابٌ صريحٌ كما قَدَّمْتُه.
والثالث: أنَّ الجوابَ هو قولُه: «آوى» قال أبو البقاء: «وهو جوابُ» لمَّا «الأولى والثانية كقولك:» لمَّا جِئْتني، ولمَّا كَلَّمْتك أَجَبْتَني «، وحَسَّن ذلك أنَّ دخولَهم على يوسف عليه السلام يَعْقُبُ دخولهم من الأبواب» يعني أنَّ «آوى» جوابُ الأولى والثانية، وهو واضح.
قوله:{إِلاَّ حَاجَةً} فيه وجهان، أحدهما: أنه استثناءٌ منقطع تقديرُه: ولكنَّ حاجةً في نفس يعقوب قضاها، ولم يذكر الزمخشري غيره. والثاني: أنه مفعولٌ مِنْ أجله، ولم يذكر أبو البقاء غيره، ويكون التقدير: ما كان