قوله تعالى:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً} : بدأ باليهود لأن شريعتهم أقدمُ، وكَرَّر «لا» في قوله {وَلاَ نَصْرَانِيّاً} توكيداً وبياناً أنه كان مُنْتَفِياً عن كل واحد من الدينين على حدته.
وقوله:{وَلَكِن} استدراك لِما كان عليه، ووقعت هنا أحسنَ موقع، إذ هي بين نقيضين بالنسبة إلى اعتقاد الحق والباطل، ولَمَّا كان الخطابُ مع اليهود والنصارى أتى بجملةِ نفي أخرى ليدُلَّ على أنه لم يكن على دينِ أحدٍ من المشركين كالعربِ عبدةِ الأوثان والمجوس عبدة الأوثان، والصابئة عبدةِ الكواكب، وبهذا يُطْرَحُ سؤالُ مَنْ قال: أيُّ فائدة في قوله: {وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} بعد قولِه «ما كان يهودياً ولا نصرانياً» ؟ وأتى بخبر «كان» مجموعاً فقال: {وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} لكونِه فاصلة، ولولا مراعاةُ ذلك لكانت المطابقةُ مطلوبةً بينه وبين ما استدرك عنه في قولِه:{يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً} فيتناسبُ النفيان.