قوله تعالى:{إِلاَّ بشرى} : فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه مفعول من أجله وهو استثناء مفرغ، إذ التقدير: وما جعله لشيء من الأشياء إلا للبشرى، وشروطُ نصبِه موجودةٌ وهي اتحاد الفاعل والزمان وكونُه مصدراً سيق للعلة. والثاني: أنه مفعولٌ ثان لجَعَل على أنها تصييريةٌ. والثالث: أنها بدلٌ من الهاءِ في «جَعَله» قاله الحوفي، وجعل الهاءَ عائدةً على الوعدِ بالمَدَدِ. والبُشْرى مصدرٌ على فُعْلى كالرُّجْعَى.
قوله:{وَلِتَطْمَئِنَّ} فيه وجهان، أحدُهما: أنه معطوفٌ على «بشرى» هذا إذا جعلناها مفعولاً من أجله، وإنما جُرَّت باللام لاختلالِ شرطٍ من شروطِ النصب وهو عَدَمُ اتحاد الفاعل، فإنَّ فاعلَ الجَعْل هو الله تعالى وفاعلَ الاطمئان القلوبُ، فلذلك نُصِب المعطوفُ عليه لاستكمال الشروط، وجُرَّ المعطوفُ باللام لاختلالِ شرطه، وقد تقدَّم، والتقدير: وما جعله إلا للبشرى وللطمأنينة. والثاني: أنها متعلقةٌ بمحذوف ِأي: ولتطمئن قلوبُكم فَعَلَ ذلك، أو كانَ كيتَ وكَيتَ.
وقال الشيخ:«وتطمئنَّ منصوبٌ بإضمار» أَنْ «بعد لام» كي «فهو من عطفِ الاسم على تَوَهُّم موضِع اسم آخر» . ثم نَقَل عن ابن عطية أنه قال:«واللام في» ولتطمئن «متعلقةٌ بفعلٍ مضمر يَدُلُّ عليه» جعله «» ، ومعنى الآية:«وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به وتطمئنَّ به قلوبكم» . قال الشيخ:«وكأنه رأى أنه لا يمكن عنده أَنْ يُعْطَف» ولتطمئن «على» بشرى «على الموضع؛ لأنَّ مِنْ شرطِ العطف على الموضع عند أصحابنا أن يكون ثَمَّ مُحْرِزٌ للموضع، ولا مُحْرزَ هنا، لأنَّ عاملَ الجر مفقود، ومَنْ لم يشترطِ المُحْرز فيجوِّز ذلك، ويكونُ من باب العطف على التوهم» . قلت: وقد جعل بعضُهم