للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وُضِعَ لِلنَّاسِ} : هذه الجملة في موضعِ خفضٍ صفةً لبيت. وقرأ العامة: «وُضِع» مبنياً للمفعول، وعكرمة وابن السَّمَيفَع: «وَضَع» مبنياً للفاعل، وفي فاعله قولان، أظهرهما، أنه ضمير إبراهيم لتقدُّم ذكره، ولأنه مشهورٌ بعِمارته، والثاني: أنه ضميرُ الباري تعالى. و «للناس» متعلقٌ بالفعل قبله، واللامُ فيه للعلةِ، و «لَلَّذي بِبَكَّةَ» خبرٌ إنَّ، وأَخْبر هنا بالمعرفة وهو الموصول عن النكرة وهو «أولَ بيت» لتخصيص النكرة بشيئين: الإِضافةِ والوصفِ بالجملة بعده، وهو جائزٌ في باب إنَّ، ومن عبارةِ سيبويه: «إنَّ قريباً منك زيدٌ» لَمَّا تخصص «قريباً» بوصفه بالجار بعده ساغ ما ذكرته لك، وزاده حُسناً هنا كونُه اسماً «إنَّ» ، وقد جاءَتِ النكرةُ اسماً لإِنَّ وإنْ لم يكن تخصيصٌ. قال:

١٣٥٧ - وإنَّ حَراماً أَنْ أَسُبَّ مجاشعاً ... بآبائيَ الشُمِّ الكرامِ الخَضَارمِ

و «ببكة» صلةٌ، والباءُ فيه ظرفيةٌ أي: في مكة، وبَكَّةُ فيها أوجه، أحدُها أنها مرادفةٌ لمكة فَأُبدلت ميمُها باءً، قالوا: والعربُ تُعاقِبُ بين الباء والميم في مواضع، قالوا: هذا عليَّ ضَرْبَةُ لازم ولازِب، وهذا أمرٌ راتِب وراتِم، والنَّمِيط والنَّبيط، وسَبَدَ رأسه وسَمَدَها، وِأَعْبطت الحُمَّى وأَعْمَطَت،

<<  <  ج: ص:  >  >>