قوله تعالى:{مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} : في «ما» هذه قولان أحدهما: أنها موصولة اسمية واقعة على أنواعِ مَنْ يَعْقِل، كما تقدم ذلك في قوله {مَا طَابَ لَكُمْ}[النساء: ٣] ، وهذا عند مَنْ لا يجيز وقوعَها على آحاد العقلاء. فأمَّا مَنْ يُجيز ذلك فيقول: إنها واقعة موقعَ «مَنْ» ، ف «ما» مفعول به بقوله {وَلاَ تَنكِحُواْ} ، والتقدير: ولا تتزوجوا مَنْ تزوج آباؤكم. والثاني: أنها مصدرية ِأي: ولا تَنْكحوا مثلَ نكاح آبائكم الذي كان في الجاهلية وهو النكاح الفاسد كنكاح الشِّغار وغيرِه، واختار هذا القولَ جماعة منهم ابن جرير الطبري قال:«ولو كان معناه: ولا تنكحوا النساء التي نكح آباؤكم لوجب أن يكون موضعُ» ما «» من «. انتهى. وتبيَّن كونُه حراماً أو فاسداً [من] قوله: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً} . قوله:{مِّنَ النسآء} : تقدَّم نظيرُه أولَ السورة.
قوله:{إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} في هذا الاستثناء قولان، أحدهما: أنه منقطعٌ، إذ الماضي لا يُجامع الاستقبال، / والمعنى: أنه لَمَّا حَرَّم عليهم نكاحَ ما نكح آباؤهم تطرَّق الوهمُ إلى ما مضى في الجاهلية ما حكمُه؟ فقيل: إلا ما قد سَلَفَ أي: لكن ما سلف فلا إثمَ فيه. وقال ابن زيد في معنى ذلك أيضاً:» إن