قوله تعالى:{سَلْ} : قرأ الجمهور: «سَلْ» وهي تحتمل وجهين، أحدُهما: أَن تكونَ مِنْ لغة: سال يَسال مثل: خاف يخاف، وهل هذه الألفُ مُبْدَلَةٌ من همزة أو واو أو ياء؟ خلافٌ تقدَّم في قوله:{فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ} فحينذٍ يكونُ الأمر منها: «سَلْ» مثل «خَفْ» ، لَمَّا سكنت اللام حَمْلاً للأمر على المجزوم التقى ساكنان فَحُذِفت العين لذلك، فوزنُه على هذا فَلْ. والثاني: أن تكون من سأل بالهمز، والأصل: اسْأَلْ ثم أُلقيت حركة الهمزة على السين تخفيفاً، واعتدَدْنا بحركةِ النقلِ فاستَغْنينا عَنْ همزة الوصلِ فَحَذَفْنَاها ووزنُه أيضاً: فُلْ بحذفِ العين، وإن كان المأخَذُ مختلفاً. وروى عباس عن أبي عمرو:«اسأَلْ» على الأصْلِ من غير نَقْلٍ. وقرأ قومُ:«اسَلْ» بالنقلِ وهمزةِ الوصلِ، كأنهم لم يَعْتَدُّوا بالحركةِ المنقولةِ كقولِهم:«الحْمَر» بالهمز. وسيأتي لهذه المسائل مزيدُ بيانٍ في مواضِعها كما ستقفُ عليه إنْ شاء الله. و «بنى» مفعولٌ أولُ عند الجمهور.
وقوله:{كَمْ آتَيْنَاهُم} في «كَمْ» وجهانِ، أحدُهما أنَّها في محل نصبٍ. واختُلف في ذلك فقيل: نصبُها على أنها مفعولٌ ثانٍ لآتيناهم على مذهبِ