قوله تعالى:{أَغَيْرَ الله} : مفعول أول ل «أتَّخِذُ» و «وليَّاً» مفعولٌ ثاني، وإنما قَدَّم المفعول الأول على فعله لمعنى: وهو إنكار أن يُتَّخَذَ غيرُ اللَّهِ ولياً لا اتخاذ الوليّ، ونحوُه قولك لمن يهين زيداً وهو مستحقٌّ للإِكرام:«أزيداً أهنت» ، أَنْكَرْتَ أن يكون مثله مُهاناً. وقد تقدَّم هذا موضحاً في قوله:{أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ}[المائدة: ١١٦] ومثله: {أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً}[الأنعام: ١١٤]{أَفَغَيْرَ الله تأمروني أَعْبُدُ}[الزمر: ٦٤]{ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ}[يونس: ٥٩]{ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ}[الأنعام: ١٣] وهو كثير. ويجوز أن يكون «أتخذ» متعدياً لواحد فيكون «غيرَ» منصوباً على الحال من «وليَّاً» لأنه في الأصل صفة له، ولا يجوز أن يكون استثناءً البتة، كذا منعه أبو البقاء، ولم يُبَيِّنْ وجهَه. والذي يظهر أنَّ المانع تقدُّمه على المستثنى منه في لامعنى وهو «وليَّاً» ، وأما المعنى فلا يأبى الاستثناء، لأن الاستفهام لا يُراد به حقيقته، بل يُراد به الإِنكار، فكأنه قيل: لا أتَّخذ ولياً غير الله، ولو قيل كذا لكان صحيحاً، فظهر أن المانع عنده إنما هو التقديم على المستثنى منه، لكن ذلك جائز، وإن كان قليلاً ومنه:
١٨٧ - ٤- وما ليَ آل أحمدَ شيعةٌ ... وما لي إلا مَشْعبَ الحقِّ مَشْعَبُ