قوله تعالى:{إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ} : قد تقدم حُكْمُ توالي الشرطين وأنَّ ثانيَهما قيدٌ في الأول، وأنه لا بد من سَبْقه للأول. وقال الزمخشريُّ هنا:«إن كان اللَّه» جزاؤُه ما دلَّ عليه قولُه: «لا ينفعكم نُصْحي» ، وهذا الدليلُ في حكم ما دلَّ عليه، فوُصِل بشرطٍ، كما وُصِل الجزاء بالشرط في قوله «إنْ أَحْسَنْتَ إليَّ أحسنتُ إليك إنْ أمكنني» .
وقال أبو البقاء:«حكمُ الشرطِ إذا دَخَل على الشرط أن يكون الشرطُ الثاني والجواب جواباً للشرط الأول نحو:» إنْ أَتَيْتني إنْ كلَّمتني أَكْرَمْتك «فقولُك» إنْ كَلَّمْتني أكرمتُك «: جوابُ» إن أتيتني «جميعُ ما بعده، وإذا كان كذلك صار الشرطُ الأول في الذِّكْرِ مؤخَّراً في المعنى، حتى إنْ أتاه ثم كلَّمه لم يجب الإِكرام، ولكن إنْ كلَّمه ثم أتاه وَجَبَ الإِكرام، وعلةُ ذلك أن الجواب صار مُعَوَّقاً بالشرط الثاني، وقد جاء في القرآن منه {إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النبي}[الأحزاب: ٥٠] .