وقوله تعالى:{أَفَلاَ يَتُوبُونَ} : تقدَّم نظيره مراراً وأنَّ فيه رأيين: رأيُ الجمهورُ تقديمُ حرفِ العطف على الهمزة تقديراً، ورأيُ أبي القاسم بقاؤُه على حالِه وحَذْفُ جملةٍ معطوفٍ على عليها، والتقديرُ: أيثبتون على كفرِهم فلا يَتُوبون، والاستفهامُ فيه قولان / أظهرُهما: أنه للتعجيب من حالهم: كيف لا يتوبون ويستغفرون من هذه المقالةِ الشنعاء؟ والثاني: أنه بمعنى الأمر وهو رأي ابن زياد الفراء، كأنه قال: تُوبوا واستغفروا من هاتين المقالتين، كقوله:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ}[المائدة: ٩١] . كلامُ ابن عطية يُفْهِم أنه للتحضيضِ، قال:«رَفَقَ جلَّ وعلا بهم بتحضيضِه إياهم على التوبة وطلبِ المغفرة» يعني بذلك من حيث المعنى، وإلاَّ فَفَهْمُ التحضيضِ من هذا اللفظ غيرُ مُسَلَّمٍ، وكيف يُعْقَلُ أنَّ حرف العطف فَصَلَ بين الهمزة ولا المفهمةِ للتحضيضِ؟ فإنْ قلت: هذا إنما يُشْكِلُ على قولِنا: إنَّ «ألا» التحضيضيةَ بسيطةٌ غيرُ مركبةٍ، فلا يُدَّعى فيها الفصل بحرفِ العطف، أما إذا قلنا إنها همزة الاستفهامِ دَخَلَتْ على «لا» النافيةِ وصارَ معناهما التحضيضَ فلا يَضُرُّ الفصلُ بحرف العطف، لأنه عُهِد في «لا» النافيةِ الداخلِ عليها همزةُ الاستفهام، فالجواب: أنه لا يجوزُ مطلقاً؛ لأنَّ ذلك المعنى قد انسلخَ وحَدَثَ