قوله تعالى:{وَلاَ تركنوا} : قرأ العامَّةُ بفتح التاء والكاف، والماضي من هذا ركِن بكسر العين كعَلِمَ، وهذه هي الفصحى، كذا قال الأزهري. قال غيره:«وهي لغةُ قريش» . وقرأ أبو عمرو في روايةٍ «تِرْكَنوا» ، وقد تقدَّم إتقانُ ذلك أوَل هذا الموضوع.
وقرأ قتادة وطلحة والأشهب بن رميلة ورُوِيَتْ عن أبي عمرو «تَرْكُنوا» بضم العين، وهو مضارع رَكَن بفتحها كقَتَل يَقْتُل. وقال بعضهم:«هو من التداخل» يعني أنَّ مَنْ نطق ب «رَكِنَ» بكسر العين قال: «يَرْكُن» بضمها، وكان مِنْ حقه أَنْ يفتح، فلما ضَمَّا عَلِمْنا أنه اسْتَغْنى بلغةِ غيره في المضارع عن لغتِه، وأمَّا في هذه القراءةِ فلا ضرورة بنا إلى ادِّعاء التداخُل بل نَدَّعي أنَّ مَنْ فَتَحَ الكافَ أخذه مِنْ رَكِن بالكسر، ومَنْ ضَمَّها أَخَذَه مِنْ ركَن بالفتح، ولذلك قال الراغب:«والصحيحُ أنْ يُقالَ رَكِنَ يَرْكَن، وركَنَ يَرْكُن، بالكسر في الماضي مع الفتح في المضارع، وبالفتح في الماضي مع الضم في المضارع» . وشَذَّ أيضاً قولُهم رَكَن يَرْكَن بالفتح فيهما وهو من التداخُل، فتحصَّل مِنْ هذا أن يُقَالَ: رَكِن بكسر العين وهي اللغةُ العاليةُ