قوله تعالى:{فِي الدرك} : قرأ الكوفيون - بخلاف عن عاصم - بسكونِ الراء، والباقون بفتحِها، وفي ذلك قولان، أحدُهما: أنَّ الدَّرْك والدَّرِكِ لغتان بمعنى واحدٍ كالشَّمْع والشَّمَع، والقَدْر والقَدَر. والثاني: أنَّ الدَّرَك بالفتح جمعُ «دَرَكة» على حدِّ بَقَر وبَقَرة، واختار أبو عبيد الفتحَ قال:«لأنه لم يَجِىءْ في الآثار ذِكْرُ» الدَّرَك «إلا بالفتحِ، وهذا غيرُ لازمٍ لمجيء الأحاديثِ بإحدى اللغتين. واختار بعضُهم الفتحَ لجَمْعِه على أَفْعال، قال الزمخشري:» والوجهُ التحريكُ لقولِهم «أدراك جهنم» يعني أنَّ أفعالاً منقاسٌ في فَعَل بالفتحِ دونَ فَعْل بالسكون، على أنه قد جاء أَفْعال في فَعْل بالسكون نحو: فَرْخ وأَفْراخ، وزَنْد وأَزْناد، وفَرْد وأَفْراد. وقال أبو عبد الله الفاسي في شرحِ القصيد:«وقال غيرُه - يعني غيرَ عاصم - محتجَّاً لقراءة الفتح قولُهم في جَمْعِه:» أَدْراك «يَدُلُّ على أنه» دَرَك «بالفتح، ولا يَلْزم ما قال أيضاً، لأنَّ فَعَلاً بالتحريك قد جُمِع على أَفْعاله كقَلَم وأَقْلام، وجَبَل وأَجبال» انتهى، وهذه غفلةٌ منه لأنه المتنازعَ فيه إنما هو فَعْل بالتسكين: هل يُجْمَعُ على أَفْعال أم لا؟ وأما فَعَلَ بالتحريك فأفْعال قياسُه، وكأنه قَصَدَ الردَّ على الزمخشري فوقَع في الغلطِ، كان ينبغي له أن يقول: وقد جُمِع فَعْل بالسكون على أَفْعال نحو: فَرْخ وأَفْراخ كما ذكرته لك. وحُكِي عن عاصم / أنه قال «لو كان» الدرَك «بالفتح لكان ينبغي أن يقال السُّفْلى لا الأسفل» قال بعض النحويين: «يعني أن الدرَك بالفتح جمع» دَرَكة «كبَقَر جمع بَقَرَة، والجمعُ يُعامل معاملةَ المؤنثة. وهذا غيرُ لازمٍ لأنَّ اسمَ الجنسِ الفارقُ بين واحدِه