قولُه تعالى:{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} : مبتدأٌ وخبرٌ. ولا بدَّ من تأويلٍ ليصحَّ الإِخبارُ عن الجثةِ بالمصدرِ. فقيل: على المبالغة، جُعِلوا نفس الفعل. وقيل: أراد بالمصدر اسم المفعول. وقيل: عَلى حَذْفِ مضافٍ من الأولِ، أي: وَطْءُ نسائِكم حَرْثٌ أي: كحَرْث، وقيل: من الثاني أي: نساؤكم ذواتُ حَرْثٍ. و «لكم» في موضِع رفعٍ لأنه صفةٌ لحَرْث، فيتعلَّق بمحذوفٍ. وإنما أفرد الخبرَ والمبتدأُ جمعٌ لأنه مصدرٌ والأفصحُ فيه الإِفرادُ والتذكيرُ حينئذٍ.
قوله:{أنى شِئْتُمْ}«أنَّى» ظرفُ مكانٍ، ويُسْتَعْمَلُ شرطاً واستفهاماً بمعنى «متى» ، فيكونُ ظرفَ زمانٍ ويكونُ بمعنى كيف، وبمعنى مِنْ أين، وقد فُسِّرت الآية الكريمةُ بكلٍّ من هذه الوجوهِ. وقال النحويون:«أنَّى» لتعميم الأحوال. وقال بعضُهم: إنما تجيءُ سؤالاً وإخباراً عن أمرٍ له جهاتٌ، فهي على هذا أعمُّ مِنْ «كيف» ومِنْ «أين» ومِنْ «متى» . وقالوا: إذا كانت شرطيةً فهي ظرفُ مكانٍ فقط. واعلم انها مبنيةٌ لتضمُّنها: إمَّا معنى حرفِ الشرطِ أو الاستفهامِ، وهي لازمةُ النصب على الظرفيةِ. والعاملُ فيها هنا قالوا: الفعلُ قبلها وهو: «فأتوا» قال الشيخ: «وهذا لا يَصِحُّ، لأنَّها: إمَّا/ شرطيةٌ أو استفهاميةٌ، لا جائزٌ أن تكونَ شرطيةً لوجهين، أحدُهما: من جهة المعنى وهو أنَّها إذا كانَتْ شرطاً كانت ظرف مكانٍ كما تقدَّم، وحينئذ يقتضى الكلامُ الإِباحةَ في غير القُبُل وقد ثبت تحريمُ ذلك. والثاني: من جهةِ الصناعةِ. وهو أنَّ اسمَ الشرط لا يعملُ فيه ما قبله، لأنَّ له صدرَ الكلام، بل يعمل فيه فعلُ الشرط،