للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلاَ يَرْهَقُ} : فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنها مستأنفةٌ. والثاني: أنها في محل نصب على الحال، والعامل في هذه الحال الاستقرار الذي تضمَّنه الجارُّ، وهو «للذين» لوقوعه خبراً عن «الحسنى» قاله أبو البقاء، وقدَّره بقوله: «استقرَّ لهم الحسنى مضموماً لهم السَّلامة» ، وهذا ليس بجائز لأن المضارعَ متى وقع حالاً منفيَّاً ب «لا» امتنع دخولُ واو الحال عليه كالمثبت، وإن وَرَدَ ما يُوهم ذلك يُؤَوَّل بإضمار مبتدأ، وقد تقدم تحقيقُه غيرَ مرة. والثالث: أنه في محلِّ رفع نسقاً على «الحسنى» ، ولا بدَّ حينئذٍ من إضمار حرفٍ مصدري يَصِحُّ جَعْلُه معه مخبراً عنه بالجارّ، والتقدير: للذين أحسنوا الحسنى، وأنْ لا يرهق، أي: وعدم رَهَقِهم، فلمَّا حُذِفت «أن» رُفع الفعلُ المضارع لأنه ليس من مواضع إضمار «أنْ» ناصبة وهذا كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ} [الروم: ٢٤] ، أي: أن يُرِيَكم، وقوله: «تَسْمع بالمُعَيْدِيّ خيرٌ من أن تراه» ، وقوله:

٢٥٨٢ - ألا أيُّهذا الزاجري أحضرُ الوَغَى ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أي: أن أحضر. رُوي برفع «أحضر» ونصبه. ومنع أبو البقاء هذا الوجه، فقال: «ولا يجوز أن يكون معطوفاً على» الحسنى «لأن الفعل إذا عُطِفَ على المصدر احتاج إلى» أَنْ «ذِكْراً أو تقديراً، و» أنْ «غيرُ مقدرة لأن الفعلَ مرفوع» ، فقوله: «وأَنْ غيرُ مقدرةٍ، لأن الفعل مرفوع» ليس بجيد لأن قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ} [الروم: ٢٤] معه «أنْ» مقدرة مع أنه مرفوع، ولا يَلْزم من

<<  <  ج: ص:  >  >>