قوله:{إِذْ تُدْعَوْنَ} : منصوبٌ بمقدرٍ، يَدُلُّ عليه هذا الظاهرُ، تقديرُه: مَقْتِكم إذ تُدْعَوْن. وقَدَّره بعضُهم: اذكُروا إذْ تُدْعَوْن. وجَوَّز الزمخشريُّ أَنْ يكونَ منصوباً بالمَقْتِ الأول. ورَدَّ عليه الشيخُ: بأنَّه يَلْزَمُ منه الفَصْلُ بين المصدرِ ومعمولِه بأجنبيّ وهو الخبرُ. وقال:«هذا مِنْ ظواهرِ علمِ النحوِ التي لا تكاد تَخْفَى على المبتَدِئ فَضْلاً عَمَّنْ يُدْعَى من العجم أنه شيخُ العربِ والعَجَم» . قلت: مثلُ هذا لا يَخْفى على أبي القاسم، وإنما أراد أنه دالٌّ على ناصبِه، وعلى تقديرِ ذلك فهو مذهبٌ كوفيٌّ قال به، أو لأنَّ الظرفَ يُتَّسَعُ فيه ما لا يُتَّسَعُ في غيره. وأيُّ غُموضٍ في هذا حتى يُنْحِي عليه هذا الإِنْحاءَ؟ ولله القائلُ:
٣٩١٥ - حَسَدُوا الفتى إذ لم يَنالُوا سَعْيَه ... فالقومُ أعداءٌ له وخُصومُ
كضَرائرِ الحَسْناءِ قُلْنَ لِوَجْهها ... كَذِباً وزُوْراً إنه لدَمِيمُ
وهذا الردُّ سبقه إليه أبو البقاء، فقال:«ولا يجوزُ أن يَعْمَلَ فيه» مَقْتُ الله «لأنه مصدرٌ أُخْبِرَ عنه، وهو قولُه:» أكبرُ «. فمِنْ ثَمَّ أَخَذه الشيخُ. ولا يجوزُ أَنْ ينتصِبَ بالمَقْتِ الثاني؛ لأنهم لم يَمْقُتوا أنفسَهم وَقْتَ دعائِهم إلى الإِيمان، إنما مَقَتُوها يومَ القيامةِ. والظاهرُ أنَّ مَقْتَ اللَّهِ واقعٌ في الدنيا. وجَوَّزَ