قوله تعالى:{إِذَا فَرِيقٌ} : «إذا» هنا فجائية، وقد تقدم أن فيها ثلاثةَ مذاهب، أحدها- وهو الأصح: أنها ظرف مكان، والثاني: انها زمان، والثالث: أنها حرفٌ، ولهذه المذاهبِ موضوعٌ غير هذا، وقد قيل في «إذا» هذه إنها فجائية مكانية، وأنها جواب ل «لَمَّا» في قوله {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ} ، وعلى هذا ففيها وجهان، أحدهما: أنها خبر مقدم، و «فريق» مبتدأ و «منهم» صفةٌ ل «فريق» ، وكذلك «يَخْشَون» ، ويجوزُ أَنْ يكونَ «يخشون» حالاً من «فريق» لاختصاصِه بالوصفِ، والتقديرُ:«فبالحضرةِ فريقٌ كائنٌ منهم خاشون أو خاشين» . والثاني: أن يكونَ «فريقٌ» مبتدأً، و «منهم» صفتَه «وهو المسوِّغُ للابتداءِ به، و» يَخْشَوْن «جملةٌ خبريةٌ وهو العاملُ في» إذا «، وعلى القولِ الأول العاملُ فيها محذوفٌ على قاعدِة الظروف الواقعةِ خبراً. وقيل: إنها هنا ظرفُ زمانٍ، وهذا فاسدٌ؛ لأنها إذ ذاك لا بد لها مِنْ عاملٍ، وعاملُها إمَّا ما قبلها وإمَّا ما بعدها، لا جائز أن يكون ما قبلها، لأن ما قبلها وهو» كُتب «ماض لفظاً ومعنى وهي للاستقبال، فاستحال ذلك. فإن قيل: تُجْعَلُ هنا للمُضِيِّ بمعنى» إذ «قيل: لا يجوز ذلك لأنه يَصيرُ التقدير: فلمَّا كُتِب عليهم القتال في وقتِ خشيةِ فريقٍ منهم، وهذا يفتقرُ إلى جواب» لَمَّا «ولا جوابَ لها، ولا جائزٌ أن يكونَ ما بعدها؛ لأنَّ العاملَ فيها إذا كان بعدها كان جواباً لها، ولا جوابَ لها هنا، وكان قد تقدَّم أولَ البقرة أنَّ في» لَمَّا «قولين / قولَ سيبويه: إنها