قوله:{مُكِبّاً} : حالِ مِنْ فاعلِ «يَمْشي» . و «أَكَبَّ» مطاوعُ كَبَّه يقال: كَبَبتُه فَأَكَبَّ. قال الزمخشري:«هو من الغرائبِ والشواذ ونحوُه: قَشَعَتِ الريحُ السَّحابَ فأَقْشَع، ولا شيءَ من بناءِ أَفْعلَ مطاوعاً، ولا يُتْقِنُ نحو هذا إلاَّ حَمَلَةُ كتابِ سيبويهِ، وإنما أكَبَّ، مِنْ بابِ أَنْفَضَ وأَلام، ومعناه: دَخَلَ في الكَبِّ وصار ذا كبٍّ، وكذلك أقْشَعَ السحابُ: دَخَلَ في القَشْعِ، ومطاوعُ كَبَّ وقَشَع انكبَّ وانْقَشَعَ» .
قال الشيخ «:» ومُكِبّاً «حالٌ مِنْ» أكبَّ «وهو لا يتعدَّى، وكَبَّ متعدٍ قال تعالى:{فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النار}[النمل: ٩٠] والهمزةُ للدخولِ في الشيءِ أو للصيرورةِ ومطاوعُ كَبَّ: انْكَبَّ. تقول: كَبَبْتُه فانكَبَّ. قال الزمخشري:» ولا شيءَ مِنْ بناءِ أَفْعَل «إلى قوله: كتاب سيبويه» انتهى، وهذا الرجلُ كثيرُ التبجُّح بكتاب سيبويهِ، وكم مِنْ نَصٍّ في كتابِ سيبويه عَمي بَصَرُه وبصيرتُه عنه، حتى إن الإِمامَ أبا الحجاج يوسفَ بن معزوزٍ صَنَّف كتاباً، يذكر فيه ما غَلِطَ الزمخشريُّ فيه وما جَهِله من كتاب سيبويه «. انتهى ما قاله الشيخُ.
وانظر إلى هذا الرجلِ: كيف أخَذَ كلامَه الذي أَسْلَفْتُه عنه، طَرَّزَ به عبارتَه حرفاً بحرف، ثم أخذ يُنْحي عليه بإساءةِ الأدب، جزاءَ ما لَقَّنه تِلك الكلماتِ الرائعةَ وجعله يقول: إن مطاوِعَ كَبَّ انْكَبَّ لا أكَبَّ وإن الهمزةَ في أكَبَّ للصيرورةِ، أو للدخولِ في الشيء،