للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ} : يجوز أن تكون هذه الجملة نسقاً على قوله {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ} عطفاً للتدليل على مدلوله، فيكون {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيمَ} معترضاً كما تقدم، ويجوز أن تكونَ معطوفةً على الجملة من قوله {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيمَ} قال ابن عطية: «الفاءُ في قوله:» فلمَّا «رابطةٌ جملةَ ما بعدها بما قبلها، وهي ترجِّحُ أن المرادَ بالملكوت التفصيل المذكور في هذه الآية» والأولُ أحسنُ وإليه نحا الزمخشري.

وجَنَّ: سَتَر، وقد تقدَّم اشتقاقُ هذه المادةِ عند ذِكْر {الجنة} [البقرة: ٣٥] . وهنا خصوصيةٌ لذِكْر الفعل المسند إلى الليل يقال: جَنَّ عليه الليل وأجنّ عليه، بمعنى أظلم، فيُستعمل قاصراً، وجنَّه وأجنّه فيُستعمل متعدياً فهذا مما اتَّفق فيه فَعَل وأَفْعَل لزوماً وتعدِّياً، إلا أن الأجود في الاستعمال: جنَّ عليه الليل وأجنَّه الليل فيكون الثلاثي لازماً، وأفعل متعدياً، ومن مجيء الثلاثي متعدياً قوله:

١٩٦١ - ... وماءٍ وَرَدَتْ قُبَيْلَ الكَرَى

وقد جَنَّه السَّدَفُ الأدهَمُ ... ومصدره جَنٌّ وجَنان وجُنون، وفرَّق الراغب بين جَنَّه وأَجَنَّه، فقال: «جنَّه إذا ستره، وأجنَّه جعل له ما يَجُنُّه كقولك: قَبَرْتُه وأقبرته وسَقَيْتُه وأَسْقَيْتُه» وقد تقدَّم لك شيء من هذا عند ذِكْرِ حزن وأحزن، ويُحتمل أن يكون «جنَّ»

<<  <  ج: ص:  >  >>