قوله:{جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} : فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوبٌ على المصدرِ بدلاً من اللفظِ بفعلِه إذ أَصْلُ «أُقْسِمُ باللهِ جَهْدَ اليمين» : أُقْسِمُ بجَهْدِ اليمينِ جَهْداً، فَحُذِفَ الفعلُ وقُدِّمَ المصدرُ موضوعاً مَوْضِعَه مضافاً إلى المفعولِ ك {َضَرْبَ الرقاب}[محمد: ٤] ، قاله الزمخشري. والثاني أنه حالٌ تقديرُه: مجتهدين في أَيْمانِهم كقولِهم: أفعَلْ ذلك جَهْدَك وطاقَتَك. وقد خلَطَ الزمخشري الوجهين فجعلهما وجهاً واحداً فقال بعدَ ما قَدَّمْتُه عنه:«وحكمُ هذا المنصوبِ حكمُ الحالِ كأنه قيل: جاهدين أَيْمانَهم» . وقد تقدَّم الكلامُ على {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}[الآية: ٥٣] في المائدة.
قوله:{طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ} في رفعِها ثلاثةُ أوجهٍ. أحدُها: أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ تقديرُه: أمرُنا طاعةٌ أو المطلوبُ طاعةٌ. الثاني: أنها مبتدأٌ، والخبرُ محذوفٌ أي: أَمْثَلُ، أو أولى. وقد تقدَّمَ أنَّ الخبرَ متى كان في الأصلِ مصدراً بدلاً من اللفظِ بفعلِه وَجَبَ حَذْفُ مبتدئِه كقولِه:{صَبْرٌ جَمِيلٌ}[يوسف: ١٨] ولا يَبْرز إلاَّ اضطراراً كقوله:
٣٤٦٤ - فقالَتْ على اسمِ اللهِ أَمرُك طاعةٌ ... وإنْ كُنْتُ قد كُلِّفتُ ما لم أُعَوَّدِ
على خلافٍ في ذلك. والثالث: أَنْ تكونَ فاعلةً بفعلٍ محذوفٍ أي: ولْتَكُنْ طاعةٌ ولْتُوْجَدْ طاعةٌ. واستُضْعِفَ ذلك: بأنَّ الفعلَ لا يُحْذَفُ إلاَّ إذا تَقَدَّم