قوله تعالى:{مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ} : هذه تُسَمَّى لامَ الجحود، وينصبُ بعدَها المضارعُ بإضمار «أن» ولا يجوزُ إظهارها. والفرقُ بنيها وبين لام كي أنَّ هذه على المشهور شرطُها أن تكون بعد كونٍ منفي، ومنهم مَنْ يشترط مُضِيَّ الكونِ، ومنهم مَنْ لم يَشْترط الكون، ولهذه الأقوال دلائل واعتراضات مذكورة في كتب النحو استغنيت عنها هنا بما ذكرْتُه في «شرح التسهيل» .
وفي خبر «كان» في هذا الموضع وما أشبهه قولان، أحدهما: وهو قول البصريين أنه محذوفٌ وأنَّ اللامَ مقويةٌ لتعديةِ ذلك الخبر المقدر لضعفِه، والتقدير: ما كان اللهُ مريداً لأنْ يَذَر، ف «أن يذر» هو مفعول «مُريداً» ، والتقديرُ: ما كانَ اللهُ مريداً تَرْكَ المؤمنين. والثاني قول الكوفيين: أنَّ اللامَ زائدةٌ لتأكيدِ النفي وأنَّ الفعلَ بعدها هو خبر «كان» ، واللامُ عندهم هي العاملةُ النصبَ في الفعلِ بنفسِها لا بإضمار «أَنْ» ، والتقديرُ عندهم: ما كان الله يَذَرُ المؤمنين.
وضَعَّف أبو البقاء مذهبَ الكوفيين بأنَّ النصبَ قد وُجِد بعد هذه اللامِ، فإنْ كان النصبُ بها نفسِها فليست زائدةً، وإن كان النصب بإضمار «أَنْ» فَسَدَ من جهة المعنى لأنَّ «أَنْ» وما في حَيِّزها بتأويل مصدر، والخبرُ في باب «كان» هو الاسمُ في المعنى فيلزم أن يكونَ المصدرُ الذي هو معنىً من المعاني صادقاً على اسمِها وهو مُحال «.