قوله:{صَفَّاً} : حالٌ من مرفوعِ «عُرِضوا» وأصلُه المصدرية. يُقال منه: صَفَّ يَصِفُّ صَفًّاً، ثم يُطْلَقُ على الجماعة المُصطَفِّين. واخْتُلَِف هنا في «صَفَّاً» : هل هو مفردٌ وقع مَوْقع الجمعِ، إذ المرادُ صفوفاًَ، ويَدُلُّ عليه الحديث الصحيح:«يَجْمَع اللهُ الأوَّلين والآخرين في صَعيدٍ واحدٍ صُفوفاً» وفي حديث آخر: «أهل الجنةِ مئةٌ وعشرون صَفَّاً، أنتم منهم ثمانون» وقيل: ثَمَّ حَذْفٌ، أي: صَفَّاً صَفَّاً. ومثلُه قولُه في موضع:{وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً}[الفجر: ٢٢] . وقال في آخرَ:{يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً}[النبأ: ٣٨] يريد: صفاً صفاً، بدليل الآيةِ الأخرى فكذلك هنا. وقيل: بل كلُّ الخلائقِ يكونون صفاً واحداً، وهو أبلغُ في القُدرة. وأمَّا الحديثان فيُحملان على اختلافِ أحوال، لأنه يومٌ طويلٌ كما شهد له بقولِه {كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}[المعارج: ٤] فتارةً يكونون فيه صَفَّاً واحداً وتارةً صفوفاً.
قوله:{لَّقَدْ جِئْتُمُونَا} على إضمارِ قولٍ، أي: وقُلْنا لهم: كيت وكيت. وتقدَّم أنَّ هذا القولَ هو العاملُ في {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجبال}[الكهف: ٤٧] . ويجوز ان يُضمر هذا القولُ حالاً من مرفوعِ «عُرِضُوا» ، أي: عُرِضُوا مَقُولاً لهم كذا.