قوله تعالى:{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ} : قرأ حمزة بالخطاب، والباقون بالغيبة. فأمَّا قراءةُ حمزة ف «الذين» مفعولٌ أولُ، و «خيراً» هو الثاني، ولا بُدَّ من حذف مضاف لِيَصْدُقَ الخبرُ على المبتدأِ، تقديرُه: ولا تَحْسَبَنَّ بُخْلَ الذين يبخلون. قال أبو البقاء:«وهو ضعيفٌ لأنَّ فيه إضمارَ البخلِ قبل ذِكْر ما يَدُلُّ عليه» وفيه نظرٌ، لأنَّ الدلالةَ على المحذوف قد تكونُ متقدمةً وقد تكون متأخرةً، وليس هذا من بابِ الإِضمارِ في شيء حتى يُشْتَرَطَ فيه تقدُّمُ ما يَدُلُّ على ذلك الضميرِ.
و «هو» فيه وجهان، أحدُهما: أنه فَصْلٌ بين مفعولي «تحسبن» . والثاني قاله أبو البقاء: أنه توكيدٌ، وهو خطأ، لأنَّ المضمر لا يُؤكِّد المُظْهَر، والمفعول الأول اسمٌ مظهر ولكنه حُذِف كما تقدم، وبعضُهم يُعَبِّر عنه فيقول:«أُضمر المفعولُ الأولُ» يعني حُذِفَ فلا يُغْتَرَّ بهذه العبارةِ، و «هو» في هذه المسألةِ يتعيَّن فَصْلِيَّتُه لأنه لا يخلو: إمَّا أَنْ يكونَ مبتدأً أو بدلاً أو توكيداً، والأولُ منتفٍ لنصبِ ما بعده وهو خيراً وكذا الثاني لأنه كان يلزمُ أَنْ يوافِقَ ما قبلَه في الإِعرابِ فكان ينبغي أَنْ يُقالَ إياه لا «هو» ، وكذا الثالثُ لِما تقدَّم.
وأمَّا قراءةُ الجماعةِ فيجوزُ فيها أَنْ يكونَ الفعلُ مسنداً إلى ضمير غائب: