قوله تعالى:{إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله} : قاله أبو البقاء: «في المستثنى منه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: هو مِنَ النَّهْيِ. والمعنى: لا تقولَنَّ: أفعل غداً، إلا أَنْ يُؤْذَنَ لك في القول. الثاني: هو من» فاعلٌ «، أي: لا تقولَنَّ إني فاعلٌ غداً حتى تَقْرِنَ به قولَ» إن شاء الله «. والثالث: أنه منقطعٌ. وموضعُ» أَنْ يشاء اللهُ «نصبٌ على وجهين، أحدُهما على الاستثناءِ، والتقدير: لا تقولَنَّ ذلك في وقتٍ إلا وقتَ أنْ يشاء الله، أي: يَأْذَنَ، فحذف الوقتَ وهو مُرادٌ. والثاني: هو حالٌ والتقدير: لا تقولَنَّ أفعل غداً إلا قائلاً: إن شاء الله، وحَذْفُ القولِ كثيرٌ، وجَعَل قولَه إلا أن يشاء في معنى: إن شاء وهو ممَّا حُمِلَ على المعنى. وقيل: التقدير إلا بأَنْ يشاءَ اللهُ، أي: ملتبساً بقولِ:» إن شاء الله «.
قلت: قد رَدَّ الزمخشريُّ الوجهَ الثاني، فقال:» إلا أَنْ يشاء «متعلقٌ بالنهي لا بقولِه» إنِّي فاعلٌ «لأنَّه لو قال: إني فاعلٌ كذا إلا أَنْ يشاء اللهُ كان معناه: إلا أن تَعْتَرِضَ مشيئةُ اللهِ دونَ فِعْلِه، وذلك ممَّا لا مَدْخَلَ فيه للنهي» . قلت: يعني أنَّ النهي عن مثلِ هذا المعنى لا يَحْسُن.
ثم قال:«وتعلُّقُه بالنهي مِنْ وجهين، أحدهما: ولا تقولنَّ ذلك القولَ إلا أَنْ يشاءَ الله أَنْ تقولَه بأَنْ يَأْذَنَ لك فيه. والثاني: ولا تقولَنَّه إلا بأَنْ يشاءَ الله أَي: إلا بمشيئته، وهو في موضعِ الحال، أي: ملتبساً بمشيئةِ الله قائلاً إنْ شاء الله. وفيه وجهٌ ثالث: وهو أَنْ يكونَ» إلا أَنْ يشاء «في معنى كلمةِ تأبيد كأنَّه قيل: ولا تقولَنَّه أبداً، ونحوُه: {وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ