قوله:{وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَآ} : قرأ الأخَوان «ويَعْمَلْ ويُؤْتِ» بالياء مِنْ تحتُ فيهما. والباقون «وتَعْمل» بالتاء من فوق. «نُؤْتِها» بالنون. فأمَّا الياءُ في «ويَعْمَلْ» فلأجل الحَمْلِ على لفظ «مَنْ» وهو الأصلُ. والتاءُ مِنْ فوقُ على معناها؛ إذ المرادُ بها مؤنثٌ، وتَرَشَّح هذا بتقدُّمِ لفظِ المؤنث وهو «مِنْكُنَّ» ومثلُه قولُه:
/لَمَّا تقدَّم قولُه:«مِن النسوانِ» تَرَجَّح المعنى فَحَمَل عليه. وأمَّا «يُؤْتِها» بالياءِ مِنْ تحتُ فالضمير لله تعالى لتقدُّمِه في «لله ورسوله» . وبالنون فهي نونُ العظمة. وفيه انتقالٌ من الغَيْبة إلى التكلُّم.
وقرأ الجحدريُّ ويعقوب وابن عامر في رواية وأبو جعفر وشيبةُ «تَقْنُتْ» بالتاءِ مِنْ فوقُ حَمْلاً على المعنى وكذلك «وتَعْمَل» . وقال أبو البقاء:«إنَّ بعضَهم قرأ» ومَنْ تَقْنُتْ «بالتأنيث حَمْلاً على المعنى و» يَعْمَلْ «بالتذكير حملاً على اللفظ» . قال:«فقال بعض النحويين: هذا ضعيفٌ؛ لأنَّ التذكيرَ أصلٌ فلا يُجْعَلُ تَبَعاً للتأنيث. وما عَلَّلوه به قد جاء مثلُه في القرآن. قال تعالى:{خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أَزْوَاجِنَا} »[الأنعام: ١٣٩] .