قوله تعالى:{وقَاسَمَهُمَا} : المفاعلةُ هنا تحتمل أن تكون على بابها، فقال الزمخشري:«كأنه قال لهما: أُقسم لكما إني لمن الناصحين، وقالا له: أتقسم بالله أنت إنك لمن الناصحين لنا، فَجعَل ذلك مقاسمةً بينهم، أو أقسم لهما بالنصيحة وأقسما له بقبولها، أو أَخْرج قسمَ إبليس على وزن المفاعلة؛ لأنه اجتهد فيها اجتهادَ المُقاسِم» . وقال ابن عطية:«وقاسمهما: أي حلف لهما، وهي مفاعلة إذ قبول المحلوف له وإقباله على معنى اليمين كالقسم وتقريره، وإن كان بادئَ الرأي يعطي أنها من واحد» ، ويحتمل أن يكون فاعَل بمعنى أفعل كباعَدْته وأبعدته، وذلك أن الحَلْفَ إنما كان من إبليس دونهما وعليه قول خالد بن زهير:
٢١٦٥ - وقاسَمَها بالله جَهْداً لأنتمُ ... ألذَّ مِنَ السَّلوى إذا ما نشورها
قوله:{لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين} يجوز في «لكما» أن يتعلق بما بعده على أن أل معرفةٌ لا موصولة، وهذا مذهبُ أبي عثمان، أو على أنها الموصولة ولكن تُسُومح في الظرف وعديله ما لا يتسامح في غيرهما اتساعاً فيهما لدوَرانهما في الكلام، وهو رأي بعض البصريين وأنشد:
٢١٦٦ - رَبَّيْتُهُ حتى إذا تَمَعْدَدا ... كان جزائي بالعصا أن أُجْلدا
ف «بالعصا» متعلق بأُجْلَد وهو صلة أَنْ، أو أن ذلك جائز مطلقاً ولو في المفعول به الصريح، وهو رأي الكوفيين وأنشدوا: