أي: أن تسألي خابراً، أو أنه متعلقٌ بمحذوف على البيان أي: أعني لكما كقولهم: سقياً لك ورَعياً، أو تعلَّق بمحذوف مدلول عليه بصلة أل أي: إني ناصحٌ لكما. ومثلُ هذه الآية الكريمة:{إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القالين}[الشعراء: ١٦٨]{وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين}[يوسف: ٢٠] : وجعل ابن مالك ذلك مطَّرداً في مسألة أل الموصولة إذا كانت مجرورة ب مِنْ.
ونَصَح يتعدى لواحد تارةً بنفسه وتارة بحرف الجر، ومثله شكر، وقد تقدم، وكال ووزن. وهل الأصلُ التعدِّي بحرف الجر أو التعدي بنفسه أو كلٌّ منهما أصل؟ الراجح الثالث. وزعم بعضُهم أن المفعول في هذه الأفعال محذوفٌ وأن المجرور باللام هو الثاني، فإذا قلت: نصحتُ لزيدٍ فالتقدير: نصحت لزيد الرأيَ. وكذلك شَكَر له صنيعه وكِلْتُ له طعامه ووَزَنْتُ له متاعه فهذا مذهب رابع. وقال الفراء:«العربُ لا تكاد تقول: نصحتك، إنما يقولون نصحتُ لك وأنصح لك» ، وقد يجوز نصحتك. قال النابغة:
٢١٦٨ - نصحتُ بني عوفٍ فلم يتقبَّلوا ... رسولي ولم تنجحْ لديهم وسائلي
وهذا يقوِّي أن اللام أصل.
والنُّصْحُ: بَذْلُ الجهد في طلب الخير خاصة، وضده الغش. وأمَّا «نصحت لزيد ثوبه» فمتعدٍ لاثنين لأحدهما بنفسه، وللثاني بحرف الجر باتفاق، وكأن النصح الذي هو بذل الجهد في الخير مأخوذ مِنْ أحد معنيين: إمَّا