قوله تعالى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} : في هذه المسألةِ أربعة أقوال، أحدها: وهو قول ابن جرير أنَّ «لا» الأولى رَدٌّ لكلام تقدَّمها، تقديرُه:«فلا تعقِلون، أو: ليس الأمرُ كما يزعمون من أنهم آمنوا بما أنزل إليك، ثم استأنف قسماً بعد ذلك، فعلى هذا يكون الوقف على» لا «تاماً. الثاني: أن» لا «الأولى قُدِّمَتْ على القسم اهتماماً بالنفي، ثم كُرِّرت توكيداً، وكان يَصِحُّ إسقاطُ الأولى ويبقى [معنى] النفي ولكن تفوتُ الدلالةُ على الاهتمامِ المذكورِ، وكان يَصِحُّ إسقاطُ الثانيةِ ويبقى معنى الاهتمامِ، ولكن تفوتُ الدلالةُ النفي، فجُمع بينهما لذلك. الثالث: أن الثانيةَ زائدةٌ، والقَسَمُ معترِضٌ بين حرفِ النفي والمنفي، وكأنَّ التقديرَ: فلا يؤمنون وربِّك. الرابع: أن الأولى زائدة، والثانيةَ غيرُ زائدةٍ، وهو اختيارُ الزمخشري فإنه قال:» لا «مزيدةٌ لتأكيد معنى القسم كما زيدت في {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ}[الحديد: ٢٩] لتأكيدِ وجوبِ العلمِ، و» لا يؤمنون «جوابُ القسم، فإنْ قلت: هَلاَّ زعمت أنها زِيدت لتظاهر» لا «في» لا يؤمنون «قلت: يأبى ذلك استواءُ النفيِ والإثبات فيه، وذلك قوله: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ