قوله تعالى:{لَهُ} الضميرُ فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنه عائدٌ على «مَنْ» المكررة، أي: لِمَنْ أسرَّ القولَ ولِمَنْ جَهَرَ به ولِمَنْ استخفى وسَرَب مُعَقِّبات، أي: جماعة من الملائكة يَعْقُبُ بعضُهم بعضاً. الثاني: أنه يعود على «مَنْ» الأخيرةِ، وهو قولُ ابن عباس. قال ابنُ عطية:«والمُعَقِّبات على هذا: حَرَسُ الرَّجُلِ وجَلاوِزَتُه الذين يحفطونَه. قالوا: والآيةُ على هذا في الرؤساء الكفارِ، واختاره الطبري في آخرين» ، إلا أنَّ الماورديَّ ذكر على التأويلِ أنَّ الكلامَ نفيٌ، والتقدير: لا يحفطونه. وهذا ينبغي أن [لا] يُسْمَعَ البتة، كيف يَبْرُزُ كلامٌ موجَبٌ ويُراد به نفي؟ وحَذْفُ «لا» إنما يجوز إذا كان المنفيُّ مضارعاً في جوابِ قسمٍ نحو: {تَالله تَفْتَؤُاْ}[يوسف: ٨٥] وقد تقدَّم تحريرُه، وإنما معنى الكلام -كما قال المهدوي -يحفظونه مِنْ أمرِ اللهِ في ظنِّه وزعمه.
الثالث: أنَّ الضميرَ في «له» يعود على الله تعالى ذِكْرُه، وفي «يَحْفظونه» للعبد، أي: لله ملائكةٌ يحفظون العبدَ من الآفات، ويحفطون عليه أعمالَه، قاله الحسن.
الرابع: عَوْدُ الضميرين على النبي عليه السلام، وإن لم يَجْرِ له ذِكْرٌ قريبٌ، ولتقدُّم ما يُشعر به في قوله:{لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ}[الأنعام: ٨] .