قوله تعالى:{مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ} : أي: من بعد مضيِّه وذهابه إلى الميقات. والجارَّان متعلقان ب «اتخذ» ، وجاز أن يتعلَّقَ بعاملٍ حرفا جر متحدا اللفظِ لاختلافِ معنييهما؛ لأنَّ الأولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض. ويجوز أن يكون «من حُليِّهم» متعلقاً بمحذوف على أنه حالٌ من «عملاً» لأنه لو تأخر عنه لكان صفةً فكان يقال: عجلاً مِنْ حليهم.
وقرأ الأخَوان:«حِليِّهم» بكسر الحاء، ووجهُها الإِتباع لكسرة اللام، وهي قراءة أصحاب عبد الله وطلحة ويحيى بن وثاب والأعمش، والباقون بضمَّ اللام، وهي قراءة الحسن وأبي جعفر وشَيْبة بن نصاح، وهو في القراءتين جمع حَلْي كطيّ، فُجمع على فُعول كفَلْس وفُلوس، فأصلُه حُلُوي كثُدِيّ في ثُدُوْي فاجتمعت الياءُ والواو وَسَبَقَتْ إحداهما بالسكون، فقُلبت الواو ياء، وأَدْغمت، وكُسِرت عين الكلمة، وإن كانت في الأصل مضمومةً لتصِحّ الياء، ثم لك فيه بعد ذلك وجهان: تَرْكُ الفاءِ على ضمِّها أو إتباعُها للعين في الكسرة، وهذا مُطَّرد في كل جَمْعٍ على فُعُول من المعتلِّ اللام، سواء كان الاعتلال بالياء كحُلِيّ وثُدِيّ أم بالواو نحو عُصِيّ ودُلِيّ جمعَ عصا ودَلْو. وقرأ يعقوب «حَلْيَهم» بفتح الحاء وسكون اللام، وهي محتملةٌ لأن يكون الحَلْي مفرداً أريد به الجمعُ أو اسمُ جنسٍ مفردة حَلْيَة على حَدِّ قمح وقمحة.
و «عِجْلاً» مفعولُ «اتَّخذ» و «مِنْ حُليِّهم» تقدَّمَ حكمه. ويجوز أن يكونَ «اتَّخذ» متعديةً لاثنين بمعنى صَيَّر، فيكون «مِنْ حليِّهم» هو المفعولَ الثاني.