وقال أبو البقاء:«هو محذوف، أي: إلهاً» ولا حاجة إليه.
و «جَسَداً» فيه ثلاثةُ أوجه، أحدها: أنه نعت. الثاني: أنه عطفُ بيان. الثالث: أنه بدلٌ قاله الزمخشري، وهو أحسنُ، لأن الجسدَ ليس مشتقاً فلا ينعت به إلا بتأويل، وعطفُ البيان في النكرات قليلٌ أو ممتنع عند الجمهور. وإنما قال «جسداً» لئلا يُتَوَهَّمَ أنه كان مخطوطاً أو مَرْقوماً. والجسد: الجثة. وقيل: ذات لحم ودم، والوجهان منقولان في التفسير.
قوله:{لَّهُ خُوَارٌ} في محل النصب نعتاً ل «عِجْلاً» ، وهذا يقوِّي كونَ «جسداً» نعتاً لأنه إذا اجتمع نعت وبدل قُدَّمَ النعتُ على البدل. والجمهور على «خُوار» بخاء معجمة وواو صريحة وهو صوتُ البقر خاصةً، وقد يُستعار للبعير. والخَوَر الضَّعْفُ، ومنه: أرضٌ خَوَّارة ورُمْحٌ خَوَّار، والخَوْران مجرى الرَّوْث وصوت البهائم أيضاً. وقرأ علي رضي الله عنه وأبو السَّمَّال «جُُؤَار» بالجيم والهمز وهو الصوت الشديد.
قوله:{أَلَمْ يَرَوْاْ} إنْ قلنا: إنَّ «اتخذ» متعدية لاثنين، وإن الثاني محذوف تقديره: واتخذ قوم موسى من بعده عجلاً جسداً إلهاً فلا حاجة حينئذ إلى ادِّعاء حذف جملة يتوجَّه عليها هذا الإِنكارُ، وإن قلنا إنها متعدية لواحد بمعنى صنع وعمل، أو متعدية لاثنين، والثاني هو «من حليِّهم» فلا بدَّ مِنْ حَذْفِ جملة قبل ذلك ليتوجَّه عليها الإِنكار، والتقدير: فعبدوه.
و «يَرَوا» يجوز أن تكون العِلْمية وهو الظاهر، وأن تكون البصَريةَ، وهو بعيد.