قوله تعالى:{حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ} : «حسبنا» مبتدأ وقد تقدم أنه في الأصل مصدرٌ والمرادُ به اسم الفاعل أي: كافينا، وتفسيرُ ابن عطية له ب «كفانا» تفسيرُ معنىً لا إعراب. و «ما وَجَدْنا» هو الخبر، و «ما» ظاهرُها أنها موصولة اسمية، ويجوز أن تكون نكرة موصوفة أي: كافينا الذي وجدنا، و «وجد» يجوز أن يكون بمعنى المصادفة، ف «عليه» يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق ب «وجدنا» وأنه متعدٍ لواحد. والثاني: أنه حال من «آباءنا» أي وجدناهم مستقرين عليه، ويجوز أن يكونَ بمعنى العلم فيتعدى لاثنين ثانيهما «عليه» .
وقوله:{أَوَلَوْ كَانَ} قد تقدم إعراب هذا في البقرة وما قالوا فيه: وأنَّ «لو» هنا معناها الشرط وأنَّ الواوَ للحال، وتقدم تفسيرُ ذلك كله فأغنى عن إعادته، إلا أنَّ ابنَ عطية قال هنا. «ألف التوقيف دخلت على واو العطف» قلت: «تسميةُ هذه الهمزةِ للتوقيف فيه غرابةٌ في الاصطلاح. وجَعَل الزمخشري هذه الواوَ للحال، وابنُ عطية جعلها عاطفةً، وتقدَّم الجمعُ بين كلامهما في البقرة فعليك بالالتفات إليه، واختلاف الألفاظ في هاتين الآيتين - أعني أية البقرة وآية المائدة - من نحو قولِه هناك:» اتبعوا «وهنا» تعالَوْا «وهناك» أَلْفَيْنا «وهنا» وجدنا «من باب التفنّن في البلاغة، فلا تُطْلَبُ له مناسبةٌ، وإن كنتُ قد تكلَّفْتُ ذلك ونقلته عن الناس في كتاب» التفسير الكبير «.