قوله تعالى:{وَقَفَّيْنَا على آثَارِهِم بِعَيسَى} : قد تقدَّم معنى «قَفَّينا» وأنه من قفا يقفو أي: تبع قفاه في البقرة. وقوله:{على آثَارِهِم بِعَيسَى} كِلا الجارَّيْن متعلقٌ به على تضمينِه معنى «جئْنا به على آثارهم قافياً لهم» وتقدَّم أيضاً أن التضعيفَ فيه ليس للتعديةِ لعلة ذُكِرت هناك. وإيضاحُها أنَّ «قَفا» متعدٍ لواحدٍ قبلَ التضعيفُ، قال تعالى:{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإِسراء: ٣٦] ف «ما» موصولةٌ بمعنى الذي هي مفعول، وتقول العربُ:«قَفا فلانٌ أثرَ فلانٍ» أي: تَبِعه، فلو كان التضعيف للتعدِّي لتَعَدَّى إلى اثنين، فكان التركيبُ يكون:«ثم قَفَّيْنا هم عيسى بن مريم» ف «هم» مفعول ثاني و «عيسى» أول، ولكنه ضُمِّن كما تقدم، فلذلك تعدَّى بالباء و «على» . قال الزمخشري:«قَفْيْتُه» مثل: عَقَّبْتُه إذا أتبعته، ثم يقال:«قَفَّيْتُه بفلان» مثل: عَقَّبْتُه به، فتعدِّيه إلى الثاني بزيادةِ الباء. فإنْ قلت: أين المفعولُ الأول؟ قلت: هو محذوفٌ