للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المراد بالنكاح العقدُ الصحيح «وحَمَل {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} على ما كا ن يتعاطاه بعضُهم من الزنا فقال:» إلا ما قد سلف من الآباء في الجاهلية من الزنا بالنساء فذلك جائزٌ لكم زواجُهم في الإِسلام، وكأنه قيل: ولا تَعْقِدوا على مَنْ عَقَد عليه آباؤُكم إلا ما قد سلف مِنْ زِناهم، فإنه يجوزُ لكم أن تتزوَّجُوهم فهو استثناءٌ منقطع أيضاً.

والثاني: أنه استثناءٌ متصل وفيه معنيان، أحدهما: أن يُحْمل النِّكاحُ على الوطء، والمعنى: أنه نهى أن يَطَأ الرجلُ امرأةً وَطِئها أبوه إلا ما قد سلف من الأب في الجاهلية من الزنا بالمرأة فإنه يجوز للابن تزويجها. نُقِل هذا المعنى عن ابن زيد أيضاً، إلا أنه لا بد من التخصيص في شيئين: أحدُهما قولُه: {وَلاَ تَنكِحُواْ} أي ولا تَطَؤوا وَطْئاً مباحاً بالتزويج. والثاني: التخصيص في قوله: {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} بوطء الزنا، وإلا فالوطء فيما قد سلف قد يكون وَطْئاً غيرَ زنا، وقد يكون زنا، فيصير التقدير: ولا تَطَؤوا ما وطِىء آباؤكم وطئاً مباحاً بالتزويج إلا مَنْ كان وَطْؤُها فيما مضى وطءَ زنا. ويجوز على هذا المعنى الذي ذهب إليه ابن زيد أن يُراد بالنكاحِ الأولِ العقدُ، وبالثاني الوطءُ، اي: ولا تتزوجوا مَنْ وَطِئها آباؤكم إلا من كان وطؤها وطءَ زنا.

والمعنى الثاني: «ولا تَنْكِحوا مثلَ نكاحِ آبائكم في الجاهلية إلا ما تقدَّم منكم مِنْ تلك العقودِ الفاسدةِ فمباحٌ لكم الإِقامةُ عليها في الإِسلام إذا كان مما يقِّرُ الإِسلامُ عليه» وهذا على رأي مَنْ يَجْعَلُ «ما» مصدريةً وقد تقدَّم.

وقال الزمخشري: «فإنْ قلت: كيف استثنى» ما قد سلف «من» ما نكح آباؤكم «؟ قلت: كما استثنى» غيرَ أنَّ سيوفهم «من قوله:» ولا عيبَ فيهم «يعني: إنْ أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوه فلا يَحِلُّ لكم غيرُه،

<<  <  ج: ص:  >  >>