وذلك غير ممكن، والغَرضُ المبالغةُ في تحريمه وسَدُّ الطريق إلى إباحته، كما تعلق بالمُحالِ في التأبيد في نحو قولهم:» حتى يَبْيَضَّ القارُّ «و» حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياط «. انتهى. أشار رحمه الله إلى بيت النابغة في قوله:
١٥٦١ - ولا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهم ... بِهِنَّ فُلولٌ من قِراعِ الكتائبِ
يعني إنْ وُجِد فيهم عَيْبٌ فهو هذا، وهذا لا يَعُدُّه أحدٌ عيباً فانتفى العيب عنهم بدليله. ولكن هل الاستثناءُ على هذا المعنى الذي أبداه الزمخشري من قبيلِ المنقطعِ أو المتصل؟ والحقُّ أنه متصلٌ لأنَّ المعنى: ولا تَنْكِحوا ما نكح آباؤكم إلا اللائي مَضَيْنَ وفَنِين، وهذا مُحالٌ، وكونُه مُحالاً لا يُخْرِجُه عن الاتصال. وأمَّا البيتُ ففيه نظرٌ، والظاهر أن الاستثناءَ فيه متصلٌ أيضاً، لأنه جَعَلَ العيبَ شامِلاً لقولِه» غيرَ أنَّ سيوفَهم «بالمعنى الذي أراده. وللبحثِ فيه مجالٌ.
وتَلَخَّص مِمَّا تقدَّم أنَّ المرادَ بالنكاحِ في هذه الآية العقدُ الصحيحُ أو الفاسدُ أو الوطء، أو: يُرادُ بالأول العقدُ وبالثاني الوَطْءُ، وقد تقدَّم القولُ في البقرةِ: هل هو حقيقةٌ فيهما أو في أحدِهما؟ واختلافُ الناسِ في ذلك.
وزعم بعضُهم أنَّ في الآيةِ تقديماً وتأخيراً والأصلُ: ولا تَنْكِحوا ما نكح آباؤكم من النساء، إنه كان فاحشة ومَقْتاً وساء سبيلاً إلا ما قد سلف. وهذا فاسدٌ من حيث الإِعراب ومن حيث المعنى: أمَّا الأولُ فلأنَّ ما في حَيِّز» إنَّ «لا يتقدَّم عليها، وأيضاً فالمستثنى لا يتقدَّمُ على الجملة التي هو من متعلَّقاتها سواءً كان متصلاً أم منقطعاً، وإنْ كان في هذا خلافٌ ضعيفٌ. وأما الثاني فلأنه