للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحالُ أنَّ الذي جاءنا كائنٌ من الحق،» والحقُّ «يجوز أن يُراد به القرآنُ فإنه حقُّ في نفسه، ويجوزُ أن يُراد به الباري تعالى - كما تقدَّم - والعاملُ فيها الاستقرارُ الذي تضمَّنه قولُه» لنا «.

قوله: {وَنَطْمَعُ} في هذه الجملة ستة اوجه، أحدها: أنها منصوبة المحلِّ نسقاً على المحكيِّ بالقَول قبلَها أي: يقولون كذا ويقولون نطمع وهو معنىً حسن. / الثاني: أنها في محلِّ نصب على الحال من الضمير المستتر في الجارِّ الواقعِ خبراً وهو» لنا «لأنه تضمَّنَ الاستقرارَ، فرفع الضمير وعَمِلَ في الحال، وإلى هذا ذهبَ أبو القاسم فإنه قال:» والواو في «ونطمعُ» واو الحال، فإنْ قلت: ما العاملُ في الحال الأولى والثانية؟ قلت: العاملُ في الأولى ما في اللام من معنى الفعلِ كأنه قيل: أيُّ شيء حَصَل لنا غيرَ مؤمنين، وفي الثانية معنى هذا الفعل ولكن مقيداً بالحال الأولى لأنك لو أَزَلْتَها وقلت: «ما لنا ونطمعُ» لم يكنْ كلاماً «. وفي هذا الكلامِ نظرٌ وهو قولُه:» لأنَّك لو أَزَلْتَها إلى آخره «لأنَّا إذا أَزَلْناها وأتينا ب» نطمع «لم نأتِ بها مقترنةً بحرفِ العطف، بل مجردةٌ منه لنحُلَّها محلَّ الأولى، ألا ترى أنَّ النحويين إذا وضعوا المعطوفَ موضعَ المعطوف عليه وضعوه مجرداً من حرفِ العطف، ورأيتُ في بعض نسخ الكشاف:» ما لنا نطمعُ «من غير واوٍ مقترنةٍ ب» نطمعُ «ولكن أيضاً لا يَصِحُّ لأنك لو قلت:» ما لنا نطمعُ «كان كلاماً كقوله تعالى:

{فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ} [المدثر: ٤٩] ، ف «نطمع» واقعٌ موقعَ مفردٍ هو حال، كما لو قلت: ما لك طامعاً، وما لنا طامعين. وردَّ الشيخ عليه هذا الوجه بشيئين، أحدهما: أن العامل لا يقتضي أكثرَ من حالٍ واحدة إذا كان صاحبُه مفرداً دونَ بدل أو عطف إلا أفعلَ التفضيل على الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>