وأمَّا قراءةُ الأعمش فواضحةٌ جداً وهي مفسرةٌ لقراءة الحسنِ المقتدمة، لولا ما فيها مِنْ مخالفة سواد الخط.
وأمَّا قراءةُ ما في مصحفِ أُبَي كما نقلها أبو حاتم فإنْ فيها نافية، و «مِنْ» زائدةٌ «في النفي، و» كل «مبتدأ، و» ليوفِّينَّهم «مع قَسَمه المقدَّر خبرُها، فَتَؤُول إلى قراءة الأعمش التي قبلها، إذ يصير التقديرُ بدون» مِنْ «: {وإنْ كلٌ إلا ليوفِّينَّهم} .
والتنوين في» كلاً «عوضٌ من المضافِ إليه. قال الزمخشري:» يعني: وإنَّ كلَّهم، وإنَّ جميعَ المختلفين فيه «. وقد تقدَّم أنه على قراءةِ» لَمَّاً «بالتنوين في تخريج أبي علي له لا يُقَدَّر المضافُ إليه» كل «إلا نكرةً لأجل نعتِها بالنكرة.
وانظر إلى ما تضمَّنَتْه هذه الآيةُ الكريمة من التأكيد، فمنها: التوكيد ب» إنَّ «وب» كل «وبلام الابتداء الداخلة على خبر» إنَّ «وزيادةِ» ما «على رأيٍ، وبالقسمِ المقدر وباللامِ الواقعةِ جواباً له، وبنون التوكيد، وبكونها مشددةً، وإردافِها بالجملة التي بعدها من قوله {إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} فإنه يتضمَّن وعيداً شديداً للعاصي ووعداً صالحاً للطائع.
وقرأ/ العامَّةُ» يعملون «بياء الغيبة، جرياً على ما تقدَّم مِن المختلفين. وقرأ ابن هرمز» بما تعملون «بالخطاب فيجوز أن يكونَ التفاتاً من غَيْبة إلى خطاب، ويكون المخاطبون هم الغيب المتقدِّمون، ويجوز أن يكونَ التفاتاً إلى خطاب غيرهم.