لأن «فعنَّلاً» مفقودٌ في كلامِهم، وجعل «زَوْنَكاً» فَعَلَّلاً أيضاً، لأنَّ الواوَ أصلٌ في بناتِ الأربعةِ كوَرَنْتَل، لكنَّ الصحيحَ إثباتُ هذا البناءِ، وجاءَتْ منه ألفاظ، قالوا:«ضَغَنَّط» من الضَّغاطة وهي الضخامة، و «سَفَنَّج» و «هَجَنَّف» للظَّلِيم، والزَّوْنَك: القصير سُمِّي بذلك لأنه يَنْزَوِكُ في مِشْيَتِهِ أي: يَتَبَخْتَرُ، قال حسان:
وهذا كلُّه يَدُلُّ على أنَّ النونَ زائدةٌ في «زَوْنَكَ» وعلى هذا فامتناعُها للتأنيثِ والعلَميةِ.
«ولَبِئْسَ المِهادُ» المخصوصُ بالذَّمِّ محذوفٌ، أي: وَلَبِئْسَ المِهادُ جَهَنَّمُ، وحَسَّنَ حَذْفَهُ هنا كونُ «المِهاد» وقعَ فاصلةً، وقد تقدَّمَ الكلامُ على «بئس» وخلافِ الناسِ فيها. وحُذِفَ هذا المخصوصُ بذلك على أنه مبتدأ والجملةُ من نِعْمَ وبِئْسَ خبرُهُ، سواء تقدَّم أو تأخَّرَ؛ لأنَّا لو جَعَلْنَاه خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ أو مبتدأً محذوفَ الخبرِ، ثم حذَفْنَاهُ، كنا قد حَذَفْنَا الجملةَ بأسْرِهَا من غَيْرِ أنْ ينوبَ عنها شيءٌ، وأيضاً فإنَّه يَلْزَمُ من ذلك أنْ تكونَ الجملةُ مُفْلَتَةً مِمَّا قبلها إذ ليس لها موضعٌ من الإِعرابِ، وليست معترضةً ولا مفسِّرةً ولا صلةً ولا مستأنفةً.
والمِهَادُ فيه قولان، أحدُهماٌٌٌ: أنه جَمْعُ «مَهْد» وهو ما يوطأُ للنومِ والثاني: أنه اسمٌ مفردٌ، سُمِّيَ به الفراشُ المُوَطَّأُ للنومُ، وهذا من بابِ التهكم والاستهزاءِ، أي: جُعِلَتْ جَهَنَّمُ لهم بَدَلَ مِهادٍ يَفْترشونه وهو كقولِهِ: