وفيه التفاتٌ من الغَيْبَةِ إلى التكلُّمِ. وقد ظَنَّ ابنُ عطية أن مكياً غَلِطَ في نَقْلِ هذه القراءةِ عنه وقال:«إنَّ الناسَ رَوَوْا عن الجحدري:» ليُحْكَمَ «على بناءِ الفعلِ للمفعولِ» ولا ينبغي أن يُغَلِّطَه لاحتمالِ أن يكونَ عنه قراءتان.
والثاني: أنه يعودُ على «الكتاب» أي: ليحكم الكتابُ، ونسبةُ الحكم إليه مجازٌ كنسبةِ النطق إليه في قوله تعالى:{هذا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق}[الجاثية: ٢٩] ، ونسبةُ القضاء إليه في قوله:
ووجهُ المجازِ أنَّ الحكمَ فيه فَنُسِبَ إليه. والثالثُ: أنه يعودَ على النبي، وهذا استضعَفَهُ الشيخُ من حيث إفرادُ الضميرِ، إذ كان ينبغي على هذا أن يُجْمَعَ ليطابِقَ «النبيين» . ثم قال:«وما قالَه جائزٌ على أَنْ يعودَ الضميرُ على إفراد الجمعِ على معنى: ليحكمَ كلُ نبي بكتابِهِ. و» بين «متعلق ب» يَحْكم «. والظرفيةُ هنا مجازٌ. وكذلك» فيما اختلفوا «متعلقٌ به أيضاً. و» ما «موصولةٌ، والمرادُ بها الدين، أي: ليحكم اللَّهُ بين الناسِ في الدِّين، بعد أن كانوا متفقين عليه. ويَضْعُفُ أن يُرَادَ ب» ما «النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنها لغير العقلاءِ غالباً. و» فيه «متعلِّقٌ ب» اختلفوا «، والضميرُ عائدٌ على» ما «الموصولةِ.
قوله:{وَمَا اختلف فِيهِ} الضمير في» فيه «فيه أوجهٌ، أظهُرها: أنه عائدٌ على» ما «الموصولةِ أيضاً، وكذلك الضميرُ في» أوتوه «. وقيل: يعودان على الكتابِ، أي: وما اخْتَلَفَ في الكتاب إلا الذين أُوتوا الكتابَ. وقيل: يعودان