العُسْرَ مُرْدَفٌ بيُسْرٍ لا مَحالَةَ، والثانيةُ عِدَةً مستأنفةٌ بأنَّ العُسْرَ متبوعٌ بيسرٍ، فهما يُسْران على تقديرِ الاستئناف، وإنما كان العُسْرُ واحداً لأنه لا يخلو: إمَّا أَنْ يكونَ تعريفُه للعهدِ وهو العسرُ الذي كانوا فيه فهو هو؛ لأنَّ حكمَه حكمُ» زيد «في قولك:» إنَّ مع زيد مالاً، إنَّ مع زيد مالاً «وإمَّا أَنْ يكونَ للجنسِ الذي يَعْلَمُه كلُّ أحدٍ فهو هو أيضاً، وأمَّا اليُسْرُ فمنكَّرٌ مُتَناولٌ لبعض الجنسِ، وإذا كان الكلامُ الثاني مستأنفاً غيرَ مكررٍ فقد تناوَلَ بعضاً غيرَ البعضِ الأولِ بغيرِ إشكال» .
وقال أبو البقاء:«العُسْرُ في الموضعَيْنِ واحدٌ؛ لأنَّ الألفَ واللامَ توجبُ تكريرَ الأولِ، وأمَّا» يُسْراً «في الموضعَيْنِ فاثنانِ، لأنَّ النكرةَ إذا أُريد تكريرُها جيْءَ بضميرِها أو بالألفِ واللام، ومن هنا قيل:» لن يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن «وقال الزمخشري أيضاً:» فإنْ قلتَ: إنَّ «مع» للصحبة، فما معنى اصطحابِ اليُسْرِ والعُسْرِ؟ قلت: أراد أنَّ اللَّهَ تعالى يُصيبُهم بيُسرٍ بعد العُسْرِ الذي كانوا فيه بزمانٍ قريبٍ، فَقَرُبَ اليُسْرُ المترقَّبُ حتى جَعَله كأنَّه كالمقارِنِ للعُسْرِ، زيادةً في التسلية وتقويةً للقلوب «وقال أيضاً: فإنْ قلتَ ما معنى هذا التنكير؟ قلت: التفخيمُ كأنه قيل: إنَّ مع العُسْر يُسْراً عظيماً وأيَّ يُسْرٍ؟ وهو في مُصحفِ