والثاني: أنها اسمُ ما تَعْرِضُه على الشيءِ، فيكونُ من: عَرَضَ العُودَ على الاناء فيعترضُ دونَه، ويصيرُ حاجزاً ومانعاً، ومعنى الآية على هذا النَهْيُ عن أَنْ يَحْلِفُوا باللهِ على أنهم لا يَبَرُّون ولا يتقون ويقولون: لا نَقْدِرُ أَنْ نَفْعَلَ ذلك لأجلِ حَلْفِنَا.
والثالث: أنَّها من العُرْضَة وهي القوة، يقال:«جَمَلٌ عُرْضَةَ للسفرِ» أي قويٌّ عليه، وقال ابن الزبير:
أي قوةٌ وعُدَّةٌ، ومعنى الآية على هذا: لا تَجْعَلُوا اليمينَ بالله تعالى قوةً لأنفسكم في الامتناعِ عن البّرِ.
والأيمان: جمعُ يمين، وأصلُها العَضْوُ، واستُعْملت في الحَلْفِ مجازاً لما جَرَتْ عادةُ المتعاقِدِين بتصافِحِ أَيْمانهم. واشتقاقُها من اليُمْن. واليمينُ أيضاً اسمٌ للجهةِ التي تكونُ من ناحيةِ هذا العضو فينتصبُ على الظرف، وكذلك اليسارُ تقول: زيدٌ يمينَ عمروٍ وبكرٌ يسارَه. وتُجْمَع اليمينُ على أَيْمُن وأَيْمان. وهل المرادُ بالأَيْمَان في الآية القسمُ نفسُه أو المُقْسَمُ عليه؟ قولان، الأولُ أولى. وقد تقدَّمَ تجويزُ أن يكونَ المرادُ به المحلوفَ عليه واستدلالُه بالحديث والجوابُ عن ذلك.