للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ» مقامَ «على» ، فعندَ ذلك تتعلَّقُ «مِنْ» بمعنى الاستقرار، يريدُ الاستقرارَ الذي تعلَّقَ به قولُه «للذين» ، وعلى تقدير تسليمِ أنَّ لَفظةَ «لهم» مقدرةٌ وهي مُرادةٌ فحينئذٍ إنما تكونُ بدلاً من «للذين» بإعادةِ العاملِ، وإلاَّ يبقَ قولُه «للذين يُؤْلُون» مُفْلَتاً. وبالجملةِ فتعلُّقه بالاستقرار غيرُ ظاهرٍ. وأمَّا تقديرُ الشيخِ: «والذين يُؤْلون لهم من نسائهم تربُّصُ» فليس كذلك، لأنَّ «الذين لو جاء كذلك غيرَ مجرورِ باللام سَهُل الأمرُ الذي ادَّعاه، ولكن إنما جاءَ كما تراه مجروراً باللام. ثم قال الشيخ:» وهذا كلَّه ضعيفٌ يُنَزَّه القرآنُ عنه، وإنما يتعلَّق بيُؤْلُون علَى أحدِ وجهين: إمَّا أنْ تكونَ «مِنْ» للسبب، أي يَحْلِفون بسببِ نسائِهم، وإمَّا أَنْ يُضَمَّنَ معنى الامتناع، فيتعدَّى ب «مِنْ» ، فكأنه قيل: للذين يمتنعون من نسائِهم بالإِيلاءِ، فهذان وَجْهان مع الستة المتقدمة، فتكونُ ثمانيةً، وإن اعتَبَرْتَ مطلقَ التضمينِ فتجيءُ سبعةً.

والإِيلاءُ: الحَلْف، مصدرُ آلى يُولي نحو: أَكْرم يُكرِم إكراماً، والأصل: إإلاء، فأُبْدِلت الهمزةُ الثانيةُ ياءً لسكونِها وانكسار ما قبلها نحو: «إيمان» .

ويقال تَأَلَّى وايتَلى على افْتَعل، والأصلُ: اإتَلْى، فَقُلِبَتْ الثانيةُ لِما تقدَّم.

والحَلْفَةُ: يُقال لها الأَلِيَّة والأَلُوَّة والأَلْوَةِ والإِلْوَة، وتُجْمَعُ الأَلِيَّةُ على «ألايا» كعَشِيَّة وعَشايا، ويجوزُ أن تُجْمَعَ الأَلُوَّة أيضاً على «ألايا» كرَكُوبة ورَكائب. قال كُثَيِّر عزة:

٩٦٦ - قليلُ الأَلايا حافظٌ ليمينِه ... إذا صَدَرَتْ منه الأَلِيَّةُ بَرَّتِ

وقد تقدَّم كيف تصريفُ أَلِيَّة وأَلايا عند قولِه: {نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: ٥٨] جمع خطيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>