قوله:{بِمَعْرُوفٍ} و» بإحسان «في هذه الباءِ قولان، أحدُهما: أنها متعلقةٌ بنفسِ المصدرِ الذي يليه. ويكونُ معناها الإِلصاق. والثاني: أن تتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها صفةٌ لما قبلها، فتكونَ في محلِّ رفعٍ أي: فإمساكٌ كائنٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ كائنٌ بإحسان.
والتسريحُ: الإِرسالُ والإِطلاقُ، ومنه قيل للماشيةِ: سَرْح، وناقة سُرُح، أي: سَهْلَةُ السير لاسترسالها فيه. قالوا: ويجوزُ في العربيةِ نَصْبُ» فإمساكُ «و» تسريحٌ «على المصدرِ، أي: فأمسكوهُنَّ إمساكاً بمعروفٍ أو سَرِّحُوهُنَّ تسريحاً بإحسان، إلا أنه لم يَقْرأ به أحدٌ.
قوله:{أَن تَأْخُذُواْ} أَنْ وما في حَيِّزها في محلِّ رفعٍ على أنه فاعلٌ يَحِلُّ، أي: ولا يَحِلُّ لكم أخْذُ شيءٍ مِمَّا آتيتموهنَّ.
و «مِمَّا» فيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلَّقَ بنفسِ «تأخذوا» ، و «مِنْ» على هذا لابتداءِ الغايةِ. والثاني: أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «شيئاً» قُدِّمتَ عليه، لأنها لو تأَخَّرَتْ عنه لكانَتْ وصفاً. و «مِنْ» على هذا للتبعيضِ. و «ما» موصولةٌ، والعائدُ محذوفٌ، تقديرُه: من الذي آتيتموهُنَّ إياه. وقد تقدَّم الإِشكالُ والجوابُ في حَذْفِ العائدِ المنصوبِ المنفصلِ عند قوله تعالى {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[يس: ٥٤] . وهذا مثلُه فَلْيُلْتفتْ إليه.
و «آتى» يتعدَّى لاثنين أولُهما «هُنَّ» والثاني هو العائدُ المحذوفُ. و «شيئاً» مفعولٌ به ناصبُه «تأخذوا» . ويجوزُ أن يكونَ مصدراً أي: شيئاً من الأخْذِ. والوجهانِ منقولانِ في قوله:{لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً}[البقرة: ٣] قوله: {إِلاَّ أَن يَخَافَآ} هذا استثناءٌ مفرغٌ، وفي «أَنْ يخافا» وجهان، أحدُهما: أنه في محلِّ نصبٍ على أنه مفعولٌ من أجلِه، فيكونُ مسثتنىً من