قوله:{لِّتَعْتَدُواْ} هذه لامُ العلة، وأجاز أبو البقاء:«أن تكونَ لامَ العاقبةِ، أي: الصيرورة، وفي متعلَّقِها وجهان، أحدُهما: أنه» لا تُمْسِكُوهُنَّ «. والثاني: أنه المصدرُ إنْ قلنا إنه حال، وإنْ قُلْنَا إنه مفعولٌ من أجله تعلَّقَتْ به فقط، وتكون علةً للعلةِ، كما تقول:» ضربت ابني تأديباً لينتفعَ «، فالتأديب علةٌ للضربِ والانتفاعُ علةٌ للتأديب، ولا يجوز أن تتعلَّقُ والحالةُ هذه ب» لا تُمْسِكُوهن «. و» تَعْتَدُوا «منصوبٌ بإضمارِ» أنْ «وهي وما بعدَها في محلِّ جر بهذه اللام، كما تقدَّم تقريرُه غيرَ مرةٍ. وأصل» تَعْتَدُوا «تَعْتَدِيُوا، فأُعِلَّ كنظائرِهِ، ولا يخفَى ذلك مِمَّا تَقدم.
قوله:{عَلَيْكُمْ} يجوزُ فيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلَّقَ بنفسِ» النعمة «إن أريدَ بها الإِنعامُ، لأنها اسمُ مصدر كنبات من أَنْبَتَ، ولا تمنع تاءُ التأنيث من عملِ هذا المصدرِ لأنه مبنيٌّ عليها كقوله:
٩٨٢ - فلولا رجاءُ النصرِ منك ورهبةٌ ... عقابَكَ قد كانوا لنا كالموارِدِ
فأعمل» رهبةٌ «في» عقابك «، وإنما المحذُور أن يعملَ المصدرُ الذي لا يُبْنَى عليها نحو: ضربٌ وضَرْبَةٌ، ولذلك اعتذر الناس عن قوله:
٩٨٣ - يُحايي به الجَلْدُ الذي هو حازِمٌ ... بضربةِ كَفَّيْهِ المَلاَ وهْوَ راكِبُ
بأنَّ المَلا وهو السراب منصوبٌ بفعلٍ مقدر لا بضربة. والثاني: ان يتعلَّقَ بمحذوفٍ، على أنه حالٌ من» نعمة «إنْ أريد بها المُنْعَمُ به، فعلى الأول