للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٩٩٣ - يَهْدِي بها أَكْلَفُ الخَدَّيْنِ مُخْتَبِرٌ ... من الجِمالِ كثيرُ اللَّحْمَ عَيْثُومُ

وَفلانٌ كَلِفٌ بكذا: أي مُغْرىً به.

وقوله: {لاَ تُضَآرَّ} / ابنُ كثير وأبو عمرو: «لا تضارُّ» برفع الراء مشددةً، وتوجيهُها واضحٌ، لأنه فعلٌ مضارعٌ لم يَدْخُلْ عليه ناصبٌ ولا جازمٌ فَرُفِعَ، وهذه القراءةُ مناسِبَةٌ لِما قبلِهَا من حيث إنه عَطَفَ جملةً خبريةً على خبريةً لفظاً نَهْيِيَّةٌ معنى، ويدل عليه قراءةُ الباقين كما سيأتي. وقرأ باقي السبعة بفتح الراءِ مشددةً، وتوجيهُها أنَّ «لا» ناهيةٌ فهي جازمةٌ، فَسَكَنَتِ الراء الأخيرةُ للجزمِ وقبلَها راءٌ ساكنةٌ مدغمةٌ فيها، فالتقى ساكنان فَحَرَّكْنا الثانيةَ لا الأولى، وإنْ كان الأصلُ الإِدغامَ، وكانَتِ الحركةُ فتحةً وإنْ كانَ أصلُ التقاءِ الساكنينِ الكسرَ لأجلِ الألفِ إذ هي أختُ الفتحةِ، ولذلك لَمَّا رَخَّمَتِ العربُ «إسحارّ» وهو اسمُ نباتٍ قالوا: «إسحارَ» بفتح الراء خفيفةً، لأنهم لمَّا حَذَفوا الراءَ الأخيرةَ بقيتِ الراءُ الأولى ساكنةً والألفُ قبلَها ساكنةٌ فالتقى ساكنان، والألفُ لا تقبلُ الحركَةَ فحَرَّكوا الثاني وهو الراءُ، وكانَتِ الحركةُ فتحةً لأجلِ الألفِ قبلَها، ولم يَكْسِروا وإنْ كان الأصلَ، لما ذكرْتُ لك من مراعاةِ الألف.

وقرأ الحسن بكسرِها مشددةً، على أصلِ التقاءِ الساكنين، ولم يُراعِ الألفَ، وقرأ أبو جعفرٍ بسكونِها مشددةً كأنه أجرى الوصلَ مُجْرى الوقفِ فسكَّنَ، ورُوِي عنه وعن ابن هرمز بسكونِهَا مخففةً، وتَحْتمل هذه وجهين، أحدهما: أن يكونَ من ضارَ يَضير، ويكونُ السكونُ لإِجراءِ الوصلِ مُجْرى الوقف.

والثاني: أن يكونَ من ضارَّ يُضارُّ بتشديد الراءِ، وإنما استثقل تكريرَ حرفٍ هو مكررٌ في نفسِه فَحَذَفَ الثانيَ منهما، وَجَمَع بين الساكنين - أعني الألفَ والراء - إمَّا إجراءً للوصلِ مُجْرى الوقفِ، وإمَّا لأنَّ الألفَ قائمةٌ مقامَ الحركةِ لكونِها حرفَ مَدٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>