قوله:{أَن تسترضعوا} أنْ وما في حَيِّزها في محلِّ نصبٍ مفعولاً ب «أراد» وفي «استرضع» قولان للنحْويين، أحدُهما: أنه يتعدَّى لاثنين ثانيهما بحرف الجرِّ، والتقديرُ: أَنْ تسترضعوا المراضعَ لأولادِكم، فَحُذِف المفعولُ الأول وحرفُ الجر من الثاني، فهو نظيرُ «أمرتُ الخيرَ» ، ذكرْتَ المأمورَ به لوم تَذْكُرِ المأمورَ، لأنَّ الثاني منهما غيرُ الأول، وكلُّ مفعولين كانا كذلك فأنتَ فيهما بالخيار بين ذِكْرِهما وحَذْفِهما، وذِكْرِ الأولِ، دونَ الثاني والعكس. والثاني: أنه متعدٍّ إليهما بنفسِه، ولكنه حُذِفَ المفعولُ الأولُ وهذا رأيُ الزمخشري، ونَظَّر الآية الكريمة بقولك:«أنجح الحاجة» واستَنْجَحَتْه الحاجة «وهذا يكون نقلاً بعد نقلٍ، لأنَّ الأصلَ/» رَضِعَ الولدُ «، ثم تقول:» أَرْضَعَت المرأةُ الولدَ «، ثم تقول:» استرضَعْتُها الولد «هكذا قال الشيخ.
وفيه نظرٌ، لأنَّ قولَه» رضِع الولدُ «يُعتقدُ أنَّ هذا لازمٌ ثمَ عَدَّيْتَه بهمزةِ النقلِ، ثمَ عَدَّيْتَه ثانياً بسينِ الاستفعال، وليس كذلك لأنَّ» رَضِع الولدُ «متعدٍّ، غاية ما فيه أنَّ مفعولَه غيرُ مذكورٍ تقديرُه: رَضِع الولدُ أمَّه، لأنَّ المادةَ تقتضي مفعولاً به كضَربَ، وأيضاً فالتعديةُ بالسين قولٌ مرغوب عنه. والسينُ للطلبِ على بابها نحو: استسقيتُ زيداً ماءً واستطْعَمْته خبزاً، فكما أنَّ ماءٌ وخبزاً منصوبان لا على إسقاط الخافضِ كذلك» أولادكم «. وقد [جاء] استفعل للطلب وهو مُعَدَّى إلى الثاني بحرف جر، وإن كان» أَفْعَل «الذي هو أصلُه متعدِّياً لاثنين نحو:» أفهمني زيدٌ المسألةَ «واستفهمتُه عنها، ويجوز حَذْفُ» عن «، فلم يَجِىءْ مجيء» استَسْقَيْت «و» استطعمت «من كونِ ثانيهما منصوباً على لا على إسقاطِ الخافض.