الأصمعي قراءةً عن أبي عمرو:«فَنُصف» بضمِّ النون هنا وفي جميع القرآن، وهما لغتان. وفيه لغةٌ ثالثة:«نَصيف» بزيادةِ ياءٍ، ومنه الحديث:«ما بَلَغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفه» و «ما» في «ما فرضتم» بمعنى الذي، والعائدُ محذوفٌ لاستكمالِ الشروطِ، ويَضْعُفُ جَعْلُها نكرةً موصوفةً/.
قوله:{إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} في هذا الاستثناءِ وجهان، أحدُهما: أن يكونَ استثناءً منقطعاً، قال ابن عطية وغيرُه:«لأنَّ عفوهُنَّ عن النصف ليس من جنسِ أَخْذِهِنَّ» . والثاني: أنه متصلٌ، لكنه من الأحوال، لأنَّ قولَه:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} معناه: فالواجبُ عليكم نصفُ ما فَرَضْتُم في كلِّ حال إلا في حالِ عَفْوِهِنَّ، فإنه لا يَجِبُ، وإليه نحا أبو البقاء، وهذا ظاهرٌ، ونظيرُه:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ}[يوسف: ٦٦] . قال الشيخ:«إلاَّ أَنْ مَنْ مَنَعَ أَنْ تَقع أَنْ وصلتُها حالاً كسيبويه فإنه يمنعُ ذلك، ويكونُ حينئذٍ منقطعاً» .
وقرأ الحسن «يَعْفُونَه» بهاء مضمومةٍ، وفيها وجهان، أحدهما: أنها ضميرٌ يعودُ على النصفِ. والأصلُ: إلاَّ أَنْ يَعْفُونَ عنه، فَحُذِف حرفُ الجرِّ، فاتصل الضميرُ بالفعلِ. والثاني: أنها هاءُ السكتِ والاستراحةِ، وإنما ضَمَّها تشبيهاً بهاءِ الضميرِ كقول الآخر: