أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين خَرَجُواْ} [البقرة: ٢٤٣] . وقرأ عليٌّ رضي الله عنه:«تَرْ» بسكون الراء، وتقدَّم أيضاً توجيهُها. والهاءُ في «ربه» فيهما قولان، أظهرهُما: أنها تعودُ على «إبراهيم» ، والثاني: تعودُ على «الذي» ، ومعنى حاجَّه: أظهرَ المغالَبَة في حُجَّتِهِ.
قوله:{أَنْ آتَاهُ الله} فيه وجهان، أظهرهُما: أنه مفعولٌ من أجله على حذفِ حرفِ العلةِ، أي: لأنْ آتاه، فحينئذٍ في محلِّ «أَنْ» الوجهان المشهوران، أعني النصبَ أو الجرَّ، ولا بُدَّ من تقديرِ حرفِ الجرِ قبل «أَنْ» لأنَّ المفعول من أجله هنا نَقَّص شرطاً وهو عدمُ اتحادِ الفاعلِ، وإنما حُذِفَت اللام، لأنَّ حرفَ الجرِّ يطَّرد حَذْفُهُ معها ومع أنَّ، كما تقدَّم غيرَ مرة. وفي كونِهِ مفعولاً من أجلِهِ معنيان، أحدُهما: أنه من بابِ العكسِ في الكلام بمعنى أنه وَضَعَ المُحَاجَّة موضعَ الشكر، إذ كان من حَقِّه أن يشكرَ في مقابلة إتيانِ المُلْك، ولكنه عَمِلَ على عكس القضية، ومنه:{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}[الواقعة: ٨٢] ، وتقول:«عاداني فلانٌ لأني أَحْسنت أليه» وهو باب بليغٌ. والثاني: أنَّ إيتاءَ المُلْكِ حَمَلَه على ذلك، لأنه أورثه الكِبْرَ والبَطَرَ، فتسبَّب عنهما المُحاجَّةُ.
الوجه الثاني: أنَّ «أَنْ» وما في حَيِّزها واقعةٌ موقعَ ظرفِ الزمان، قال الزمخشري:«ويجوزُ أن يكونَ التقديرُ: حاجَّ وقتَ أَنْ آتاه» . وهذا الذي أجازه الزمخشري محلُّ نظرٍ، لأنه إنْ عنى أنَّ ذلكَ على حَذْفِ مضاف ففيه